توقُّعها لأن يقع تحت يد عدو لا همّ له إلا أن يرميها بأصلب عود في كنانته. والجوع: الحاجة إلى الغذاء، والمجاعة العامة تغشى الناس من القحط وعدم كفاية ما تنبته الأرض لسد حاجاتهم. وقد يصيب الجوع طائفة منهم لأسباب خاصة؛ كهجرتهم من أوطانهم؛ ليمحصهم الله بالابتلاء، ويمتاز المهاجر إلى دنيا يصيبها من المهاجر إلى الله ورسوله. والأموال: جمع مال، وهو ما يملك، وجرى للعرب عرف باستعماله في النَّعَم خاصة، ومن هنا حمل بعض المفسرين النقصَ من الأموال بهلاك المواشي، والنقصُ من الأنفسِ بِذهاب من عز عليهم بالقتل والموت. والثمرات: جمع ثمرة، وهي حمل الشجر، وقد تطلق على الشجر والنبات نفسه. وقال تعالى: ﴿بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ﴾، فأتى بلفظ (شيء) منكرًا؛ ليفيد قلة ما يصيبهم به من هذه المكاره، وأنه يبتليهم منها بقدر ما يمتاز به غير الصابرين من الصابرين.
ومعنى الآية: ولنصيبنكم بشيء من الخوف. . . إلخ؛ لنرتب على الصبر والثبات على الطاعة الثواب، ونرتب على الجزع وعدم التسليم لأمري العقاب.
ومجرد الحزن عند نزول المصيبة معفو عنه، وإنما يؤاخَذ الإنسان على جزع يفضي به إلى إنكار حكمة الله فيما نزل به من البأساء أو الضراء، أو إلى فعل ما حرمه الشارع؛ من نحو: النياحة، وشق الجيوب، ولطم الخدود.
﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾:
بعد أن ذكر الله تعالى مواطن تضطرب منها النفوس، وتخرج أو تكاد تخرج فيها عن سبيل الرشد، أردف ذلك بذكر عاقبة الصبر الحسنى، وجزائه