253

د امام محمد خضر حسین ټول اړخیزې کارونه

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

ژانرونه

وقد تصدى لجمع هذه البشائر من كتابي التوراة والإنجيل طائفة من أهل البحث والعلم في القديم والحديث، وبينوا وجه انطباقها على حال النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ بحيث لا يأخذ الناظر الطالب للحق ريبة في أنه الرسول الذي بشرت الأنبياء بمبعثه وعموم رسالته. ومن هذه البشائر: ما جاء في سفر التثنية من التوراة: "أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به". والنبي المماثل لموسى -عليه السلام- في الرسالة والشريعة المستأنفة هو النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإخوة بني # إسرائيل هم العرب؛ لأنهما يجتمعان في إبراهيم - عليه السلام -. وقوله: "وأجعل كلامي في فمه" يوافق حال النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأمية وعدم تعاطي الكتابة.

{وما الله بغافل عما تعملون}:

الغفلة: السهو والنسيان، وإذا نفيت عن الله، فقيل: إن الله ليس بغافل عن كذا، فإنما يراد منها: إحصاؤه للشيء، وإحاطته به علما، فالجملة تهديد ووعيد لأهل الكتاب، والمعنى: أن الله لا يترك أمرهم سدى، بل هو محص لأعمالهم، ومحيط بها علما، وإذا كانت الأعمال معاصي وآثاما، استحقوا العقوبة بها، ومن كبر المعاصي والآثام أن يكتم الإنسان شهادة عنده من الله.

{تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون}:

الأمة المشار إليها في الآية: إبراهيم وآله. ووردت هذه الآية في آيات تقدم تفسيرها آنفا، وأعيدت هنا بعينها؛ مبالغة في التحذير من الافتخار بالآباء، والاتكال على صلاحهم، والمقتضي لهذه المبالغة: أن النفوس مطبوعة على هذا الافتخار والاتكال.

ولتكرار التحذير من الشيء أثر كبير في تطهير النفوس منه، وصرفها عنه، وكأن الآية تقول لأهل الكتاب في تأكيد: إن أمامكم دينا دعيتم إلى اتباعه، واقترنت دعوته بالحجة، فانظروا في دلائل صحته وسمو حكمته، ولا تردوه بمجرد دعوى أن الأنبياء السابقين كانوا على ما أنتم عليه الآن؛ فإن دعواكم هذه لا تنفعكم، ولو في حال تسليمها لكم؛ إذ لا يمتنع اختلاف الشرائع باختلاف المصالح، وعلى حسب ما تقتضيه حكمة عالم الغيب والشهادة.

مخ ۲۵۷