233

د امام محمد خضر حسین ټول اړخیزې کارونه

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

ایډیټر

علي الرضا الحسيني

خپرندوی

دار النوادر

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۴۳۱ ه.ق

د خپرونکي ځای

سوريا

ژانرونه

على أن ما تمنوه بعيد الوقوع؛ فإن الإيمان الراسخ يمنع صاحبه من الانتقال منه إلى كفر.
﴿حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾:
هذا علة لما تضمنته الجملة السابقة من تمنيهم رد المسلمين كفارًا. والحسد: قلق النفس من رؤية نعمة يصيبها إنسان، وينشأ عن هذا القلق تمني زوال تلك النعمة، وتمني زوال النعمة عن الغير مذموم بكل لسان، إلا نعمة أصابها فاجر أو جائر يستعين بها على الشر والفساد؛ فإن تمني زوالها كراهة للجور والفساد لا يدخل في قبيل الحسد المذموم، فإن لم تتمنَّ زوال النعمة عن شخص، وإنما تمنيت لنفسك مثلها، فهي الغبطة والمنافسة، وهي محمود؛ لأنها قد تنتهي بالشخص إلى اكتساب محامد لولا المنافسة، لظل في غفلة عنها.
والحسد قد يهجم على الإنسان، ولا يكون في وسعه دفعه لشدة النفرة بينه وبين المحسود، وإنما يؤاخذ الإنسان على رضاه به، وإظهار ما يستدعيه من القدح في المحسود، والقصد إلى إزالة النعمة عنه.
وعلَّل تمنيهم للمسلمين الكفر بعد الإيمان بالحسد؛ لينفي ما قد يخطر بالبال من أن تمنيهم ذلك جاء من جهة تدينهم وميلهم إلى الحق، ولو بحسب زعمهم. ومعنى كون الحسد من عند أنفسهم: أنه راسخ في طبائعهم، فلا يطمع في صرفه عن قلوبهم في حكمة أو موعظة.
ودل قوله: ﴿حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ على أنهم يوقنون في أنفسهم بصحة دين الإسلام؛ إذ الإنسان لا يحسد آخر على دين إلا أن يعرف في نفسه صحته، وأنه سبيل النجاة والفلاح.

1 / 199