اعداد او د انسان جوړول: شمېرل او د انسان خوځنده دورانونه
الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية
ژانرونه
2
بقيادة كريستوفر هنشيلوود، عالم الآثار بجامعة ببيرجن في النرويج، أوضحت مجموعة من الدراسات أن البشر كانوا يستخدمون كهف بلومبوس أيضا على مدار آلاف الأعوام لفترة تبلغ 30000 عام على الأرجح. وينتمي الفتات الموجود في الكهف إلى فترة أحدث، وهو يحتوي على أدلة تعبر عن تقدم الإدراك البشري بصورة أكبر. وتتضمن هذه الأدلة أدوات حجرية دقيقة وأدوات عظمية تشبه الإبر . وربما يكون الدليل الأبرز هو وجود أصداف أذن البحر التي تشبه الوعاء، وأحجار الشحذ وغيرها من العناصر التي كانت تستخدم قبل ذلك في معالجة المغرة لاستخراج الصبغة من المعدن الممتلئة بعنصر الحديد. وفي حقيقة الأمر، يبدو أن كهف بلومبوس كان يستخدم بمثابة ورشة لتصنيع مختلف الأدوات ومعالجتها. وتتضمن هذه الأدوات قطعا منقوشة من العظام والمغرة، يعود تاريخها إلى فترة تتراوح بين 100000 عام و70000 عام في الماضي. وعلى أشهر قطعة من القطع المكتشفة في الكهف، وهي قطعة من المغرة يبلغ طولها 6 سنتيمترات، لاحظ علماء الآثار وجود مجموعة من العلامات المنتظمة التي تشبه الخطوط على هذه القطعة، والتي يتضح أنها قد نقشت عمدا بيد فنان من البشر. ولسنا نعرف على وجه التحديد ما الغرض الذي كانت تؤديه هذه العلامات، لكن من المحتمل أنها كانت تؤدي وظيفة رمزية أو شبه رمزية. وربما تكون هذه القطعة أقدم قطعة ذات طبيعة رمزية في تاريخ البشرية. ونظرا إلى وجود الكثير من الأدلة على وجود أعداد ما قبل التاريخ في مختلف أنحاء العالم، فمن المحتمل أن هذه العلامات كانت تؤدي وظيفة عددية. فهل من الممكن أن يكون الفنان الذي نقش هذه القطعة من المغرة، كان يسجل كمية ما، مثل هؤلاء الذين نقشوا عظمة إيشانجو بعد ذلك بعشرات الآلاف من الأعوام؟ (راجع الفصل الثاني) من المؤسف أن الوظيفة الحقيقية لهذه القطعة قد ضاعت على الأرجح في عتمة السجل الأثري.
3
وثمة أدلة أخرى في كهف بلومبوس، تشير إلى أن البشر الذين استخدموه بمثابة ورشة ربما كانوا يستخدمون طرقا لتسجيل الكميات، فربما يكونون قد اخترعوا الأعداد أو ورثوها على الأقل. ومن المكتشفات المميزة في هذا الموقع وجود العديد من الأصداف البحرية المثقوبة (وتسمى أيضا بأصداف القراد وهي أصداف من نوع «ناساريوس كروسيانوس») في مجموعات صغيرة تتكون من خمس أصداف واثنتي عشرة صدفة. ويبدو أن هذه الأصداف التي يبلغ طول الواحدة منها سنتيمترا واحدا، كانت تستخدم في الزينة الشخصية. فالثقوب المنتظمة التي صنعها البشر، قد مكنت الأفراد من ربط هذه الأصداف معا على هيئة عقد أو أي نوع آخر من أنواع الزينة، مثلما يحدث تماما في العديد من الثقافات في العصر الحالي. ومن المهم أن نلاحظ أن بعض هذه الأصداف لم يكن أصليا في المنطقة التي يقع بها الكهف، حتى قبل هذه الآلاف من الأعوام. واليوم لا توجد هذه الأصداف إلا في مصبات الأنهار على بعد 20 كيلومترا من بلومبوس.
4
ومن ثم يبدو أن البشر الذين كانوا يعيشون في هذه المنطقة كانوا يكنون تقديرا عظيما لهذه الأصداف؛ مما دفعهم إلى السفر لهذه المسافة الطويلة سيرا على الأقدام للعثور عليها، أو ربما كانوا يقايضونها مع الشعوب الأخرى. إن ما نراه في كهف بلومبوس إذن، هو دليل على الاستخدام القديم لأدوات صغيرة متشابهة نسبيا لها قيمة عظيمة.
من المحتمل أن يكون البشر الذين عاشوا بالقرب من الكهف قد واجهوا ضغوطا قوية لأن يخترعوا طرقا لتسجيل الكميات بشكل رمزي، أي إنها بصفة أساسية ضغوط لاختراع الأعداد، وربما كان ذلك لتسجيل هذه الأصداف الثمينة، أو لمقايضة سلع أخرى في مقابل الحصول عليها، أو ربما لكلا الأمرين. وقد تمادى بعض الباحثين إلى درجة أنهم قد اقترحوا أن هذه الأصداف الصغيرة هي بالفعل تمثيلات رمزية للكميات (أي إنها كانت هي نفسها أعدادا). بالرغم من ذلك، فمثلما نرجو أن تكون الاستنتاجات التي تناولناها في هذا الكتاب قد وضحت، فالأرجح أن الأصابع لا هذه الأصداف، كانت هي الأداة الأولى في التمثيل الدقيق للكميات؛ أي إنها هي التي كانت تمثل أول شكل من الأعداد. ومثلما تشير عالمة النفس المرموقة سوزان كاري (التي ناقشنا أعمالها المؤثرة في الفصل السادس) في مناقشتها لأهمية هذه الأدوات: «ربما يعود تاريخ الخرز إلى 100000 عام، لكن تاريخ الأصابع يعود إلى ملايين الأعوام.»
5
ففي معظم الأحيان، تكون الأصابع هي المدخل إلى التمييز الدقيق للكميات، وكثيرا ما تستخدم بصفتها أعدادا، تمثل حينها تمثيلا لفظيا. بالرغم من ذلك، يظل من المحتمل أن تكون مثل هذه القطع الصغيرة المنفصلة ذات القيمة الثمينة، قد دفعت البشر في مرحلة ما من تاريخهم إلى أن «يرغبوا» في تحديد كميات الأشياء، بطرق غير تقريبية، حتى وإن احتاجوا إلى أصابعهم لكي يتمكنوا من القيام بذلك. ربما تكون الضغوطات التي واجهها البشر الذين عاشوا في كهف بلومبوس لتحديد كمية هذه الحبات اللامعة من الخرز، قد خلقت حاجة جديدة إلى وجود الأعداد، رغبة جديدة للتمييز بين الكميات بدقة وبصورة منتظمة.
وبالرغم من أننا لا نستطيع أن نحدد على وجه الدقة، أول مكان قد استخدمت فيه الأعداد، فإن الصورة التي نرسمها الآن تبدو منطقية؛ فالبشر الذين عاشوا في هذه المناطق الساحلية، كانوا يمتلكون حضارة مادية ولغة، وربما كانوا يمارسون التمثيل الرمزي ثنائي البعد أيضا. إضافة إلى ذلك، كانوا يمتلكون سلعا صغيرة ثمينة، ومن المرجح أنهم كانوا يرغبون في عدها؛ نظرا إلى طول المسافة التي كان عليهم قطعها من أجل الحصول على هذه القطع. وفي ضوء هذه الحقائق، فإن استخدامهم للأعداد ليس بالأمر المستبعد. لكن لنفترض للحظة أن ذلك كان هو الحال بالفعل، فهل اخترعت الأعداد هنا، أم وصلت إلى هنا؟ وفقا للوتيرة التي بدأت بها التقنية في التطور على امتداد هذا الساحل، وذلك بناء على المكتشفات التي وجدها العلماء في كهف بيناكل، فإن السيناريو الأول ممكن على أقل تقدير. ربما يكون البشر قد صقلوا مهاراتهم اللغوية والعددية هنا، على امتداد هذا الساحل وفي أماكن أخرى من جنوب أفريقيا. وربما يكون هذا الصقل قد أدى بدوره دورا محوريا في قدرة البشر على التكيف على غير ذلك من البيئات المتنوعة الأخرى. ولا شك في أن استخدام اللغة، الذي يتضح على نحو غامض في الأدوات المدفونة في كهفي بلومبوس وبيناكل بوينت، قد مكننا بعد ذلك من غزو أفريقيا، ثم الهجرة من القارة في جماعات.
ناپیژندل شوی مخ