اعداد او د انسان جوړول: شمېرل او د انسان خوځنده دورانونه
الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية
ژانرونه
لمثل هذه الأسباب، تعد الأعداد عنصرا تأسيسيا في ظهور الكتابة حول العالم. ومن المعترف به عموما أن الثورة العلمية والتصنيع والطب الحديث، قد اعتمدت على بعض الممارسات الرياضية المحددة. وحتى قبل وجود هذه الممارسات بآلاف الأعوام، قد ساعدت الأعداد اللفظية على إحداث تغييرات عميقة في الكيفية التي يحيا بها البشر، وفي كيفية استخدامهم للرموز للتعبير عن الأفكار.
خاتمة
من الأهرامات التي بناها قدماء المصريين، إلى المدن الحجرية في أنجكور، إلى أطلال بلاد الرافدين وأمريكا الوسطى القديمة، تظهر لنا سمة مشتركة. وهي أن المجتمعات الزراعية التي ابتكرت هذه الآثار العظيمة، قد اعتمدت بدرجة كبيرة على الأعداد، أو الأرقام على وجه التحديد. وقد كانت الأشكال الأولى من الأنظمة الكتابية التي طوروها تركز بدرجة مذهلة على تمثيل الأعداد. ونتيجة لذلك، فإن هذه الأرقام قد أتاحت أشكالا جديدة من الهندسة والعمارة، التي غيرت البيئات التي كانت تطورت فيها هذه الثقافات؛ فالأرقام على غرار الصفر قد سهلت التعامل مع الكميات. وبعد ذلك تطورت أنواع جديدة من الممارسات الثقافية، التي قد شكلت بدورها ضغوطات جديدة على أنظمة الأعداد. وقبل ذلك كله يبدو أن الأعداد اللفظية الدقيقة، كانت محورية للغاية في ظهور أنواع محددة من الزراعة، بدليل مثلا أن معظم الجماعات السكانية المعاصرة التي تعتمد على الصيد وجمع الثمار، لا يستخدمون سوى أنظمة عددية محدودة الوظائف وذات حد عددي صغير. وباختصار، فإن الأعداد المنطوقة والأرقام المكتوبة، كان لهما دور محوري في إحداث تغييرات جذرية في ثقافات عدة منذ آلاف الأعوام. وفي العديد من الثقافات المعاصرة المعرضة للانقراض، تحدث اليوم تغييرات مشابهة.
الفصل العاشر
أدوات تحويلية
ما لبث جبل تيبل أن ظهر في مرآة الرؤية الخلفية في سيارتي، ثم اختفى بعد ذلك. كنت أسير على الأطراف الجنوبية من اليابسة الأفريقية عبر الوديان المتعرجة، وبينما كنت أقترب من وجهتي، وهي قرية هادئة تسمى ستيلباي، وتحتضن خليجا من المياه اللازوردية، يقع شرقا من الجزء الفاصل بين المحيطين الهادي والهندي، كانت إشارات الطريق وإعلانات الراديو مزيجا من اللغة الأفريقية والإنجليزية. إننا لا نعرف أين ظهرت الأعداد للمرة الأولى، لكن من المحتمل أنني أقترب من ذلك المكان. فمن المحتمل أن تكون قصة الأعداد قد بدأت هنا، على امتداد ساحل وعر يرى من ستيلباي، وهو ساحل تزداد أهميته باعتباره موقعا مهما في قصة البشرية.
على مدار العقدين الأخيرين، كان علماء الآثار متعددو التخصصات يفتشون سطح الأرض في بعض الكهوف القريبة من هذا الساحل، وكذلك الأسطح السابقة التي صارت الآن تحت الأرض. ومن هذه الكهوف، كهف بلومبوس الذي يقع غرب ستيلباي، وكهف بيناكل بوينت الذي يقع على بعد عشرات الكيلومترات إلى الشرق. وقد أسفر هذا البحث الذي أجري في هذه المناطق المحلية عن نتائج لافتة للنظر. إن هذا البحث، مع غيره من الدراسات المبكرة التي أجريت على «نوع الإنسان العاقل»، يلقي ضوءا جديدا على الكيفية التي تمكن بها أسلافنا من البقاء بل التفوق، على مدار آلاف الأعوام التي سبقت هجرة نوع «الإنسان العاقل» من أفريقيا. إن ما وجده العلماء في هذه الكهوف، ليس من نوع المكتشفات الذي نربطه في العادة بعلم آثار العصر القديم في أفريقيا؛ فليس هناك أي من عظام الأسترالوبيثسينات، أو أي بقايا من الهيكل العظمي لأي أنواع أخرى من الأسلاف المحتملين لنوع «الإنسان العاقل». (وقد اكتشفت مثل هذه الآثار في أماكن أخرى في جنوب أفريقيا، وغير ذلك من الأماكن البعيدة في أفريقيا مثل مضيق أولدوفاي والأخدود الأفريقي العظيم.) لم يعثر العلماء في كهفي بلومبوس وبيناكل بوينت على آثار هامة لأشباه البشر، فقط بعض بقايا قديمة لأسنان بشرية، وأجزاء من العظام. غير أن ما وجدوه يخبرنا عن حياة أسلافنا الأقربين، وهم أفراد نوعنا الذين كانوا يشبهوننا ويتصرفون مثلنا، أكثر مما قد يخبرنا به أي هيكل عظمي. وبناء على هذه المكتشفات التي وجدناها في هذه الكهوف، فإن الكثير مما نعده الآن من السلوكيات البشرية الحديثة، ربما يكون قد نشأ على هذا الساحل. ومن هذه السلوكيات ما يتعلق باستخدام التقنيات العددية.
فمنذ ما يتراوح بين 190000 إلى 135000 عام، حدث تغير في المناخ العالمي. ومثل غيره من التغيرات المناخية الأقدم، يبدو أن هذا التغير قد أمال مسرح البشرية؛ فربما كانت التغيرات المناخية السابقة، مثل ذلك الذي حدث قبل ما يقرب من 19 مليون عام، محورية في نشأة نوعنا؛ إذ اضطر أسلافنا من الأنواع إلى الانتقال إلى العيش في سهول السافانا بدلا من الغابات. أما التغير الأحدث الذي نتحدث عنه، فقد أثر على نوع «الإنسان العاقل» نفسه؛ إذ تسبب في وجود نقص حاد في المناطق الصالحة للعيش في أفريقيا؛ فقد أصبحت القارة أكثر جفافا، وندرت مصادر الغذاء. إضافة إلى ذلك، فقبل 75000 عام تقريبا، حدث انفجار بركاني عظيم في بركان توبا في سومطرة، مما أدى إلى تكون سحابة ضخمة من الرماد البركاني، وشتاء بركاني ربما يكون قد أدى إلى تناقص عدد البشر بدرجة كبيرة. وتقترح أدلة علم آثار العصر القديم أن البشر قد اتخذوا من المناطق الساحلية مأوى لهم خلال هذه الفترات الصعبة، ولا سيما السواحل الموجودة على الأطراف الجنوبية لأفريقيا. وتوضح النتائج الحديثة أن السبب في اختيار هذا المأوى يعود على الأرجح إلى أن هذا الساحل كان غنيا بمصادر الغذاء إلى حد ما. وينطبق ذلك بالتحديد على الحافة الجنوبية لأفريقيا، التي كانت تتوفر بها الأغذية البحرية بسهولة، مثل القواقع البحرية والنباتات الأرضية، وهي نباتات لحمية كالأبصال والدرنات التي يمكنها العيش تحت الأرض. وبالرغم من أن مصادر الغذاء كانت نادرة نسبيا في العديد من المواطن التي كان يسكنها البشر في ذلك الوقت، فقد كانت الأرض هنا غنية بمصادر الكربوهيدرات والبروتين. إن التجديدات المناخية والبيئية التي حدثت في تلك الحقبة المعنية، اتضحت في تلك البقعة بدرجة كبيرة؛ فقد كان هذا الساحل مكانا جيدا لحياة البشر، في مرحلة لم يكن فيها سوى القليل من الأماكن الصالحة للعيش في أفريقيا.
1
وبناء على ما اكتشفه العلماء في كهف بيناكل بوينت، فإن البشر لم يبقوا على قيد الحياة هنا فحسب، بل ازدهروا في هذه المنطقة خلال تلك الفترة التي نتحدث عنها. لقد شهدت البشرية نوعا من الازدهار التقني خلال الفترة التي عاش فيها البشر على هذا الساحل، والتي تبدأ قبل 170000 عام تقريبا. وقد أوضح علماء الآثار الآن أنه خلال عشرات آلاف الأعوام التي استخدمت فيها كهوف بيناكل، حسن البشر من التقنيات التي كانوا يستخدمونها مثل أدواتهم الحجرية. وهذه الكهوف تتضمن أدلة على أن الأدوات كانت تصنع بعد تسخين الحجارة في النار ثم صقلها، وتلك عملية معقدة لصنع الأدوات. وعلى العكس مما تميزت به تقنيات صنع الأدوات الحجرية في الفترات السابقة من جمود، فإن مكتشفات كهف بيناكل تدل على وجود معدل جذري من الابتكار في استخدام أنواع جديدة من الأدوات الحجرية. إضافة إلى ذلك، توجد بعض الآثار التي تشير إلى وجود تطورات تقنية أخرى مثل صبغة حمراء كانت تستخدم على الأرجح في طلاء الجسم، مثلما تستخدم لدى بعض الجماعات السكانية اليوم. إن الآثار المتبقية من هذه المادة تدل على أن التقنية كانت تتقدم خلال هذه الفترة، لكنها توضح أيضا أن البشر كانوا يفكرون بطرق رمزية، وينقلون هذه التقنيات المادية عبر الأجيال؛ ومن ثم فإن الآثار المتبقية من هذه المادة تشير إلى أن السكان القدماء لهذه المنطقة كانوا يمتلكون اللغة.
ناپیژندل شوی مخ