اعداد او د انسان جوړول: شمېرل او د انسان خوځنده دورانونه
الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية
ژانرونه
13
وفي كل من هذه الثقافات الأربعة، نجد أن أقدم نماذج من الكتابة كان محورها الأعداد بدرجة كبيرة. وقد أكدنا على هذه النقطة في الفصل الثاني في مناقشتنا لأقدم أنظمة الكتابة، التي ظهرت في بلاد الرافدين؛ فالعديد من الألواح المسمارية التي اكتشفت هناك، هي في الواقع سجلات لبيانات كمية. ويبدو أن الكتابة المسمارية بصورتها المكتملة لم تظهر إلا بعد تطوير أنظمة تسجيل الحسابات العددية، أو بالتوازي معها على الأقل.
ومن المثير للاهتمام أيضا أن ذلك يمكن أن ينطبق أيضا على الكتابة الصينية، التي يعود تاريخ النماذج الأولى منها إلى عهد سلالة تشانج الحاكمة، وهو ما يزيد عن 3000 عام. وكان أقدم هذه النماذج مسجلا على عظام العرافة، وهي عظام قد نقشت عليها رموز عددية تحدد كميات بعض العناصر، مثل عدد السجناء من الأعداء، وعدد الطيور والحيوانات التي تم صيدها. وفي أمريكا الوسطى، إضافة إلى ذلك، نجد أن إحدى السمات الأساسية المشتركة في أقدم نصوص هذه المنطقة هي تمثيل الأعداد بالخطوط والنقاط . (انظر الشكل
2-4 ) وعادة ما تكون هذه الأشكال المبكرة من الكتابة في هذه المنطقة أشكالا تقويمية وعددية بدرجة أو بأخرى. وأخيرا في مصر، نجد أن أقدم الأشكال المعروفة من الكتابة الهيروغليفية عادة ما تعبر عن معلومات بشأن كميات السلع. من الواضح إذن، أن الأرقام هي سمة مشتركة في جميع الأشكال الأولى من الكتابة، وليست الكتابة في بلاد الرافدين فحسب. إن أشكال الكتابة القديمة التي ظهرت في مختلف أنحاء العالم تركز على الأعداد، مثلما أن نقوشات العصر الحجري القديم ورسوماته الشبيهة بالرموز تركز على الكميات في أغلب الأحيان. وقد رأينا هذا في الفصل الثاني في مناقشتنا لبعض الأدوات التي سجل عليها البشر الرسوم مثل قرن غزال الرنة المكتشف في ليتل سولت سبرينج، الذي يعود تاريخه إلى 1000 عام. إن مثل هذه الأشكال المصورة ليست مجردة أو اصطلاحية بالدرجة الكافية كالكتابة، لكن من الواضح أنها كانت تؤدي وظيفة مماثلة للتعبير عن الأفكار في صورة ثنائية البعد.
إذن، فالأعداد موجودة منذ بدايات جميع أنظمة الكتابة. ومن التفسيرات المنطقية لهذه الحقيقة أن رموز الأعداد المكتوبة، تعمل بمثابة مؤشرات ضرورية على وجود أنظمة كتابية أكثر اكتمالا. لكن إن كان الأمر كذلك؛ فلماذا تؤدي مثل هذا الدور المحوري في ظهور الكتابة؟ سوف أعرض عليكم تفسيرا محتملا قد أشرت إليه سابقا في الفصل الثاني، في مناقشتي لأنظمة العصي القديمة. فإذا تناولنا عددا رومانيا مثل العدد
III ، الذي يمثل بشكل مصور؛ إذ يمثل كل خط عنصرا واحدا. وعلى العكس من ذلك، فالكلمة اللاتينية
et («و») تمثل مفهوما بسيطا، لكنه ليس مصورا؛ إذ إن الرمزين اللذين تتكون منهما الكلمة، لا توجد بينهما وبين المفهوم الذي تعبر عنه الكلمة، أي علاقة مادية فعلية؛ فهما لا يشبهان ما يعبران عنه، مثلما يشبه الرمز
III
ما يعبر عنه. (فحين أقول سوبر باول
III ، على سبيل المثال، فإن كل علامة رأسية تمثل مباراة واحدة.) وفي النهاية قد تصبح الأرقام أقل تصويرا؛ ولهذا فإن الأصول التصويرية للرقم 7 على سبيل المثال، لم تعد واضحة. ويبدو أن تطوير الرموز العددية المكتوبة يكون أسهل في البداية، مقارنة برموز المفاهيم والأصوات الأخرى؛ بسبب مفهوم المطابقة واحدا إلى واحد. فيمكن على سبيل المثال تمثيل الكميات المفردة بخطوط مفردة، ثم تمثيل الكميات الكبيرة من خلال جمع هذه الخطوط. وفي الأنظمة التي تعتمد على المطابقة التصويرية، كلما زادت الكميات استلزم ذلك خطوطا أكثر (أو نقاطا أو زوايا، إلخ ...)؛ ومن ثم فإن السمة التصويرية الكامنة في العديد من الأرقام، تعتمد على قدرتنا على تمييز مفهوم مطابقة كل عنصر بعنصر واحد. ومثلما أكدنا في الفصول السابقة، فإن هذه القدرة تكون فطرية حين يتعلق الأمر بالكميات الصغيرة، ومكتسبة من خلال اللغة حين يتعلق الأمر بالكميات الكبيرة. وقد ركزت أيضا على دور الأصابع في تطوير التفكير العددي، مع ملاحظة أن الأصابع هي أول تمثيل خطي للكميات في حياة الفرد. إننا نستطيع فهم العلامات الخطية على الحجارة أو الورق أو الخشب، بصفتها تمثيلات للكميات بسهولة أكبر؛ لأننا نرى هذه التمثيلات الخطية في أيدينا. ونتيجة لمثل هذه العوامل؛ يمكن تمثيل الكميات مباشرة أو من خلال الصور عن طريق توليفات من أشكال ثنائية البعد، وذلك بسهولة نسبية من الناحية الإدراكية، لا تنطبق على ما يبدو بالنسبة إلى المفاهيم الأخرى.
ناپیژندل شوی مخ