134

اعداد او د انسان جوړول: شمېرل او د انسان خوځنده دورانونه

الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية

ژانرونه

إن هذه الكلمات الشبيهة بالأعداد، لا تستخدم إلا في الأسماء؛ ومن ثم فهي ليست مجردة بالدرجة الكافية لأن تكون أعدادا مناسبة. بالرغم من ذلك، فالقول بأن أنظمة الأعداد التي تستخدم مصطلحات عددية محدودة بأشياء معينة، أقل تجريدا ونفعا، هو استنتاج يفتقر إلى وجود أساس قوي يدعمه في بعض الحالات. وفي حقيقة الأمر، أوضحت أبحاث بيندر وبيلر على اللغات البولينزية أن بعض الأنظمة العددية التي تستخدم مصطلحات عددية مخصصة لأشياء معينة، يمكن أن توفر مزايا إدراكية واضحة للمتحدثين بها .

فلنتأمل في مثال اللغة التي كانت تستخدم من قبل في جزيرة مانجريفا في بولينيزيا الفرنسية. كانت هذه اللغة تستخدم تسلسلات عد مختلفة، وفقا لما إذا كان المتحدث يعد على سبيل المثال ثمار فاكهة الخبز أو البندان (شجرة تشبه النخيل) أو أخطبوطات. وهذا التنوع البارز قد يعده الغرباء على الثقافة بدائيا أو غير متطور؛ إذ إنه لا يوجد مجموعة واحدة من مصطلحات الأعداد المجردة يمكن استخدامها لعد جميع العناصر. غير أن الأمر المثير للاهتمام هو أن اللغة المانجريفية تنحدر من اللغة المحيطية الأولية، وهي لغة كانت تمتلك على ما يبدو نظاما عشريا موحدا يمكن استخدامه لعد أي شيء. إذن، فنظام العد في اللغة المانجريفية وغيره من أنظمة العد في بولينيزيا، قد تطورت من نظام عشري قد يراه البعض أكثر تطورا من نظام العد المانجريفي، لكن مثل هذا التطور يعارض الافتراض القائل بأن الأعداد المانجريفية تمثل مرحلة مبكرة في تطوير أعداد تتسم بالتعقيد العددي الحقيقي. وربما يعود السبب في هذا المسار التاريخي غير المتوقع الذي اتخذه هذا النظام العددي، إلى حقيقة أن أنظمة الأعداد المرتبطة بأنواع الأشياء، يمكن أن تزيد من سرعة الحساب الذهني في بعض السياقات، مع تقليل الجهد الإدراكي المبذول في أداء بعض المهام الرياضية في غياب الكتابة.

لقد كانت اللغة المانجريفية تمتلك نظاما عدديا أساسيا يتضمن مصطلحات الأعداد الأكثر وضوحا والمستخدمة في عد أنواع محددة من الأشياء، وقد كان هذا النظام الأساسي عشريا في واقع الأمر. وبداخل هذا الإطار العشري كانت اللغة تمتلك أيضا تسلسلات عددية أخرى، لعد أنواع محددة من الأشياء بشكل أكثر فعالية. وقد كانت هذه التسلسلات العددية تتداخل بصورة بارزة. فالكلمة «تاوجا» على سبيل المثال، تشير إلى 1 أو 2 أو 4 أو 8 من الأشياء، وفقا لنوع هذا الشيء الذي تعده. وثمة قفزة ثنائية بين كل نوع «تاوجا» والذي يليه؛ ذلك أن 2 × 2 = 4، و2 × 4 = 8. بالرغم من ذلك، فقد ظلت سمة العشرية التي كانت موجودة في اللغة المحيطية الأصلية، في العد المانجريفي؛ إذ يمكن تجميع «تاجوا» بالعشرات، أي إن اللغة المانجريفية كانت تعد كميات «تاجوا» وبأسلوب عشري؛ لذا فإن الكلمة «باوا» على سبيل المثال تعبر عن الكمية 20 أو 40 أو 80، وفقا لنوع العنصر الذي يجري عده. بعبارة أخرى، فإن الكلمة «باوا» تشير إلى الكمية 10، لكن ذلك من أجل التعبير عن قيمة عشرة «تاجوا»، والتي يمكن أن تختلف على نحو ثنائي؛ ومن ثم فإن «باوا» تعني في الأساس: 10 ×2 أو 10 × 4 أو 10 × 8، وفقا لما يجري عده.

بصفة أساسية، فقد كان سكان جزيرة المانجريف يعدون الأشياء المهمة في ثقافتهم وشبكاتهم التجارية بالأزواج أو الأرباع أو الثماني. ومثلما يقترح بيندر وبيلر، إذا كان أحدهم يعد اثني عشر «تواجا» من الأسماك، فإنه يشير بذلك إلى 24 سمكة. وإذا كانوا يعدون اثني عشر «تواجا» من جوز الهند، فإنهم يشيرون بذلك إلى 48 من ثمار جوز الهند.

9

لم يكن سكان جزيرة مانجريف يعدون الأشياء بصفتها عناصر منفصلة، بل بصفتها مجموعات يسهل التمييز بينها. وهذه الاستراتيجية التي تتمثل في عد الأشياء بالمجموعات، ستوفر بعض المزايا فيما يتعلق بالأشياء التي توجد في كميات متوقعة من 2 و4 و8، ونحن نقوم اليوم بعمليات مماثلة حين نعد الأشياء التي توجد بطبيعتها في مجموعات؛ فعلى سبيل المثال إذا طلبت من شخص ما أن يبتاع لك البيرة من المتجر، فيمكنك أن تطلب منه أن يشتري لك «أربعا من عبوات الستة» بدلا من أن تطلب منه «أربعا وعشرين من زجاجات البيرة». لقد كان نظام العد المانجريفي مخصصا للكميات التي توجد عادة في النظام البيئي المحلي.

إضافة إلى ذلك، فإن النظام المانجريفي يوضح المزايا المحتملة لاستخدام الاستراتيجية الثنائية في تجميع الكميات بسرعة؛ فحجم الكمية التي يشار إليها بالكلمة «تاجوا» تقوم على الأس 2. لقد وضح لايبنيز في أعماله الشهيرة، مزايا الحسابات القائمة على الأساس الثنائي في الجزء الأول من القرن الثامن عشر. وتقترح أبحاث بيندر وبيلر أن سكان جزيرة المانجريف قد استغلوا بعضا من هذه المزايا قبل عمله بقرون، مما يوضح لنا أن أساليب العد المستخدمة في بعض جزر المحيط الهادي، التي تبدو بدائية وغير مجردة، ليست بهذا القدر من البدائية بالرغم من كل شيء . ويبرز لنا مثل هذا الاستنتاج بمثابة حكاية تحذيرية؛ فبعض الأنظمة العددية «غير المتطورة» تعمل بكفاءة، وبطرق معقدة خادعة، لكي تلبي احتياجات من استخدموها أو ما زالوا يستخدمونها.

وتقترح الأبحاث الحديثة أيضا، أن درجة التعقيد في بعض الأنظمة العددية غير اللغوية لم تحظ بالتقدير الكافي. فالعديد من ألواح العد والمعدادات التي كانت تستخدم في الماضي، لا تزال مستخدمة في بعض الثقافات في مختلف أنحاء العالم، وهي توفر مزايا واضحة لمن يستخدمونها. ولن يشك الكثيرون في هذا الاستنتاج إذا رأوا بعض الأشخاص يستخدمون معداد السوروبان الياباني على سبيل المثال (الذي اخترع منذ قرون عدة على غرار معداد سوان بان الصيني). إن الأطفال في المجتمعات الغربية الصناعية لم يعتادوا على استخدام المعدادات، التي قد تبدو بدائية مقارنة بالآلات الحاسبة التي تنتشر في قاعات الصفوف الدراسية في معظم أنحاء العالم، غير أن هذه المعدادات تقدم بعض المزايا الإدراكية على عكس الآلات الحاسبة. وتقترح الأبحاث أن السبب في هذا يعود إلى أن الأطفال الذين يشبون على استخدام المعداد، يطورون «معدادا ذهنيا» بمرور الوقت. أي إنهم يستوعبون تركيب المعداد داخليا، ويستخدمون الصور الذهنية للمعداد في إجراء الحسابات من خلال استعمال الخرز بصورة خيالية. ووفقا لبعض الاستنتاجات الحديثة من ثقافات متعددة؛ اتضح أن الأشخاص الذين يستخدمون الاستراتيجيات الرياضية القائمة على المعداد ، يتفوقون على الأشخاص الذين لا يعرفون مثل هذه الاستراتيجيات، في بعض المهام الرياضية على الأقل. وليس مصادفة أن نجد أن العديد من المدارس في قارة آسيا، قد أصبحت تستخدم معداد السوروبان. إن فعالية المعداد الذهني، توضح لنا مرة أخرى أن الرموز العددية غير الغربية، توفر بعض المزايا الواضحة، مقارنة بتلك الرموز التي اعتاد عليها معظمنا. وتؤكد هذه الفعالية أيضا على نقطة أساسية أخرى، وهي أن التقنيات العددية تمدنا بطرق جديدة للتعامل مع الكميات ذهنيا، وهي طرق قد تبدو غير متوقعة قبل اختراع هذه التقنيات المعنية أو استخدامها. وينطبق هذا الأمر على هذه التقنيات، سواء أكانت كلمات عد جديدة، أو معدادات جديدة، أو أي تمثيل عددي آخر للكميات.

10

رحلة الصفر المؤثرة والبطيئة

ناپیژندل شوی مخ