127

اعداد او د انسان جوړول: شمېرل او د انسان خوځنده دورانونه

الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية

ژانرونه

وبعبارة أخرى: فإن البشر يفكرون في الأعداد من خلال الأشياء، فها هم مرة أخرى يحولون الأفكار المجردة إلى شيء مادي وملموس بدرجة أكبر. ومن الأدلة على هذا التوجه المجازي ذلك التداخل بين المصطلحات والعبارات المستخدمة في الجمع والطرح، والتعامل مع الأشياء المادية؛ فيمكنني أن أتحدث مثلا عن «إضافة اثنين وخمسة»، ويمكنني أيضا أن أتحدث عن «إضافة الجبن إلى الهامبرجر»، أو «إضافة الملح إلى السلاطة»، أو «إضافة قطعة أخرى من الأثاث إلى الغرفة». يمكنني أن أقول: «إضافة ثلاثة وثلاثة تساوي ستة.» أو يمكنني أن أقول: «سيارة فيراري الجديدة إضافة رائعة إلى مجموعته.» وبقدر ما يمكنني أن أتحدث عن «الجمع بين ثلاثة وخمسة»، يمكنني أن أتحدث عن «الجمع بين السكر والبيض والزبد»؛ إننا نجمع الأعداد معا في عقولنا، مثلما نجمع بين الأشياء الموجودة في العالم الخارجي عنها. وعلى العكس من ذلك، فإننا نفصل بين الأعداد ، مثلما نفصل بين الأشياء؛ فيمكنني أن أقول مثلا: «إذا أخذت هذا العمود، فسوف ينهار البناء.» أو يمكنني أن أقول: «شكرا على أخذ القمامة.» ومع ذلك، يمكنني أن أتحدث عن «أخذ خمسة من سبعة»، أو أقول: «اثنا عشر نأخذ منها ستة، يساوي ستة.» إضافة إلى ذلك، فمثلما يمكنني أن أقول: «خمسة عشر ناقص اثنين، يساوي ثلاثة عشر.» يمكنني أن أقول: «إذا أنقصنا هذا الحزام من الزي، فإنه سيصبح غير ملائم.» يمكنني أن أستمر في طرح المزيد من الأمثلة، لكنني أعتقد أن ما أعنيه قد أصبح واضحا، وهو أن الكثير من كلمات اللغة التي نستخدمها لجمع الأشياء وإزالتها، يستخدم أيضا لجمع الأعداد وإزالتها.

إن التوازي بين الأشياء والأعداد، لا ينتهي هنا على أي حال؛ فمثلما يمكننا الحديث عن حجم الأشياء، يمكننا الحديث أيضا عن «حجم» الأعداد. فيمكنني أن أقول مثلا: إن التريليون عدد «كبير للغاية» أو: إن «سبعة أصغر من خمسة عشر». ويمكنني أن أقول: «أنا لا أعرف بالضبط الراتب الذي تحصل عليه، ولكني أعرف أنه رقم ضخم.» ويمكنني أيضا أن أقول: «إن راتبها ضئيل للغاية مقارنة بما تستحقه.» إننا نتحدث عن الأعداد في معظم الأحوال، وكأنها أشياء طيعة مختلفة الأحجام، أشياء يمكن المقارنة بينها وضمها معا وتجميعها كذلك. إن هذا النوع من التفكير المجازي طبيعي للغاية حتى إننا قد لا ندرك أننا نستخدمه. وربما يعود السبب في هذا الأساس المادي للغة الحسابية إلى أن اختراع الأعداد يعتمد بصورة كبيرة على أجسامنا المادية، لكننا، إضافة إلى هذا، نفكر في الأفكار المجردة، ونتحدث عنها في العديد من المجالات الإدراكية على أنها عناصر موجودة في العالم المادي. إن التفكير في الأعداد على أنها أشياء مادية ييسر تخزينها وتمثيلها ومعالجتها في الدماغ؛ إذ إننا نستطيع تصور الأشياء وتذكرها بسهولة أكبر من المفاهيم المجردة.

تؤدي الحركة الخيالية أيضا دورا في تطور الاستراتيجيات الحسابية، غير أن هذا الدور أكثر ثانوية. وهي ظاهرة مختلفة تماما، لكنها مجازية أيضا، ويمكننا أن نطلق عليها اسم «الحساب هو حركة على مسار ».

12

والفكرة الأساسية هي أن العديد من البشر (لا سيما متحدثي اللغة الإنجليزية) يصفون الأعداد على أنها توجد على خط، ويصفون الحركة على امتداد هذا الخط. والأمثلة اللغوية التي تتجسد فيها هذه الاستعارة كثيرة للغاية؛ فيمكنني أن أقول مثلا إن «101 و102 قريبان للغاية.» وإذا سألتك عما يكون ناتج عشرة زائد عشرة، وأجبت بأنه ثلاثون، يمكنني أن أقول إن إجابتك «بعيدة للغاية.» وإذا رأيت مجموعة من الأشخاص في فصل دراسي، فقد تقول إنه يوجد «ما يقرب من عشرين طالبا». وإذا كنت لا تعتقد أنهم بهذا العدد الكبير، فقد تقول إن عددهم «يقترب من العشرين». ويمكننا أن نطلب من الأطفال أن يعدوا من واحد إلى مائة، دون «تخطي أي أعداد». ويمكنهم أن يعدوا «من الخلف»، وكأن العد ينطوي على حركة إلى الأمام أو إلى الخلف على خط الأعداد. إن ما تتميز به هذه اللغة من تلقائية يمكن أن يحجب ما يحدث حين نستخدمها، وهو أننا نتحدث عن الأعداد المجردة والكميات التي تصفها وكأنها توجد على خط يمكن تحريكها عليه أو عرضها. إن الإشارة إلى الأعداد في سياق الخطوط والأشياء الطيعة منتشرة للغاية، وهي تسهل من اكتسابنا للكثير من المفاهيم الحسابية خلال الطفولة. إن هذه الاستعارات تستخدم عن عمد في السياقات التربوية كذلك؛ إذ يربط الأطفال بين الأعداد وبين الأشياء المادية وبين خطوط الأعداد في كتب التدريبات الخاصة بالرياضيات.

13

إضافة إلى أنماط الحديث، فإن الإيماءات المصاحبة للحديث، توضح الطرق التي نفهم بها الأعداد مجازيا. إن دراسة الإيماءات التي يقوم بها البشر في أثناء حديثهم، هي مجال خصب للدراسة في مجال علوم الإدراك. وتشير الكثير من الأبحاث إلى أن الإيماءات بمثابة نافذة تطل على العمليات الإدراكية لدى البشر. فعلى سبيل المثال، تنعكس نزعة متحدثي الإنجليزية إلى الحديث عن المستقبل باعتباره شيئا يقع أمام أجسامهم، في إشارتهم إلى الأمام في أثناء الحديث عن الأحداث المستقبلية. وعلى العكس من ذلك، فهم يشيرون إلى خلفهم في معظم الأحيان عند التحدث عن الماضي. وبالمثل، تظهر الإيماءات حين يتحدث الأشخاص عن الأعداد، مثلما يتضح ذلك في دراسة حديثة لمقاطع فيديو مسجلة لطلبة الكليات. حين تحدث الطلبة عن إضافة أعداد معا، كانوا يستخدمون في الوقت نفسه إيماءات «الجمع» أو «المسار». وقد تمثلت الإيماءات الأخيرة في تحريك أصابعهم أو أيديهم من أحد جانبي أجسادهم إلى الجانب الآخر، وكأن الأعداد تتقدم على خط ما. أما إيماءات الجمع، فقد كانت تنطوي على حركة الأيدي إلى الداخل، مع ضم اليد في قبضة، كما لو أن الطلاب يمسكون شيئا في أيديهم، أو يقبضون عليه. وحين كان الطلاب يتحدثون عن جمع الأعداد، كانوا يقومون في الوقت نفسه، وبشكل غير واع، بجمع أشياء متخيلة بأيديهم، أو يحركون أيديهم على خط خيالي. فمن الواضح أن المجاز يؤدي دورا في إنشاء الرياضيات باستخدام الأعداد، غير أن حجم هذا الدور يستلزم المزيد من البحث.

14

وثمة أنواع أخرى من الأدلة التي تدعم الاستنتاج المتمثل في أن البشر غالبا ما يفكرون في الأعداد في ضوء المكان المادي؛ فعلى سبيل المثال، يتخذ الأفراد القرارات الرياضية بصورة أسرع حين تتوافق المعلومات المكانية والعددية بدقة. فلتفكر على سبيل المثال في أي العددين التاليين له قيمة أكبر:

7 أم 9؟

ناپیژندل شوی مخ