123

اعداد او د انسان جوړول: شمېرل او د انسان خوځنده دورانونه

الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية

ژانرونه

لكن ما الطريقة المحددة التي تفتح لنا بها الأعداد هذا الباب في بادئ الأمر؟ وما الذي يحدث بعد أن نمر منه؟ في الجزء الثالث من هذا الكتاب، سوف نتناول مثل هذه الأسئلة. في هذا الفصل، نبحث في «الكيفية»؛ كيف ظهرت مفردات العد ومبادئ الحساب الأساسية في الوجود؟ إنني أقدم رواية للكيفية التي اخترع بها البشر الأعداد على الأرجح (وما زالوا يخترعون) المفردات الأساسية للأعداد، وكذلك الكيفية التي نأخذ بها مفردات الأعداد تلك، ونستخدمها كوحدات بناء في العمليات الحسابية الأساسية.

الأعداد غير الطبيعية

إن النتائج التي حصلنا عليها من العوالم اللاعددية تشير بوضوح إلى أننا نحتاج إلى وجود الأعداد، لكي «نفهم» الكميات بالفعل، على النحو الذي يتميز به البشر في فهمها. بالرغم من ذلك، فإن ذلك يطرح مفارقة، مثلما ذكرت في الفصل الأول؛ إذا كنا نحتاج إلى الأعداد لكي ندرك معظم الكميات بدقة، فكيف توصلنا إلى الأعداد في المقام الأول؟ وكيف تمكنا بداية من تسمية الكميات الموجودة في مجموعة محددة من العناصر، إذا كنا لا نستطيع تمييز هذه الكميات؟ إذا كنا لا نستطيع على سبيل المثال، أن نميز أن «سبع تفاحات» لا تمثل «ست تفاحات» ولا «ثماني تفاحات» فكيف تمكنا من استخدام كلمات مثل «ستة» و«سبعة» و«ثمانية» للمرة الأولى؟

ونظرا لما يبدو من صعوبة هذه المفارقة؛ فقد استنتج البعض أن البشر مهيئون فطريا لاكتساب مفاهيم الأعداد. ووفقا لهذا المنظور، فلا بد أن نكون مهيئين بطريقة ما من شأنها أن نستطيع التمييز بين 5 و6 و7، وغير ذلك من الكميات، على مدار تطورنا الإدراكي الطبيعي. إلا أن هذا النهج يطرح أمامنا معضلة للوهلة الأولى؛ إذا كنا مهيئين فطريا للتمييز بين الأحجام المختلفة للمجموعات بصفتها كيانات مجردة مستقلة، فما حد هذا الاستعداد الفطري المسبق؟ فهل نحن مهيئون فطريا لأن ندرك في النهاية، على سبيل المثال، أن 1023 ليست هي 1024؟ إن هذا يبدو غير منطقي بدرجة كبيرة؛ فوجهات النظر التي تستند إلى النهج الفطري في الموضوعات التي تتعلق بالأعداد، لا تقدم شيئا سوى أنها تؤخر النقطة التي سنصل عندها للمفارقة.

في كتابه المميز عن اللغة والأعداد، يذكر عالم اللغويات جيمس هيرفورد، أن مفردات الأعداد هي أسماء «الكيانات غير اللغوية التي تشير إليها الأعداد.»

2

أي إن مفردات الأعداد هي تسمية لكيانات مفاهيمية. وفي سياق متصل، اقترحت عالمة الآثار كارينلي أوفرمان مؤخرا أن «مفاهيم الكميات لا بد أنها تسبق تسمياتها المعجمية، وإلا فلن يكون ثمة ما يمكن تسميته ... فلا يمكن لأي طريقة اختراع أن تسبق ما تخترعه.»

3

وهذا الرأي الأخير منطقي بعض الشيء، لكن يمكننا القول إنه يقلل من أهمية الأدلة الكثيرة التي عرضناها في الفصول من الخامس إلى السابع. ووفقا لهذه الأدلة، فإن المفردات التي تعبر عن الكميات الأكبر من ثلاثة، ليست مجرد تسمية لمفاهيم موجودة مسبقا؛ لأن هذه المفاهيم لا توجد لدى معظم الناس إلى أن يتعلموا الأعداد بالفعل.

وفي رأيي أن مفتاح حل هذه المفارقة هو أن المفردات التي تعبر عن الكميات الأكبر من ثلاثة، تجسد الأفكار العددية المجردة المحددة التي تطرأ على ذهن بعض الأفراد في بعض الأحيان وبصورة غير منتظمة. وبعض هؤلاء الأفراد قد يخترعون الأعداد في نهاية المطاف، ولكن إن لم يفعلوا، فلن تنقل أفكارهم العابرة إلى غيرهم. إن تسمية مثل هذه الأفكار سريعة الزوال، هو ما يمكن الأفراد في نهاية المطاف من إدراك الفروق بين الكميات على نحو منتظم ومستمر. إنني أعتقد أن مفهوم الانتظام والاستمرارية هذا ضروري للغاية لحل هذه المعضلة. يبدو أن البشر، كجماعة، يبدون القدرة، على نحو غير منتظم فقط، على التوصل إلى فكرة بسيطة لكنها مؤثرة، وهي فكرة أنه يمكن تعريف المجموعات التي تتضمن كمية أكبر من ثلاثة تعريفا دقيقا. وهذه الفكرة البسيطة قد أدت على الأرجح إلى اختراع رموز لهذه الكميات الكبيرة، وذلك على مدار مرات عديدة لم يكن من الممكن تسجيلها كلها. وقد كانت هذه الرموز لفظية في البداية؛ إذ إن الغالبية العظمى من ثقافات العالم تستخدم مفردات لمثل هذه الكميات، لكن معظمها يفتقر في العادة إلى وجود الأرقام المكتوبة أو حتى أنظمة العصي المعقدة. إن بعض الأفراد قد اخترعوا مفردات الأعداد من أجل تجسيد إدراكهم لوجود كميات كبيرة محددة، وقد كان من الممكن لهذا الإدراك أن يظل عابرا.

ناپیژندل شوی مخ