اعداد او د انسان جوړول: شمېرل او د انسان خوځنده دورانونه

ځهره سمیع d. 1450 AH
120

اعداد او د انسان جوړول: شمېرل او د انسان خوځنده دورانونه

الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية

ژانرونه

14

ويجب علينا أن نأخذ بعض الحذر قبل التوسع في القراءة بشأن نسب التشابه الجيني بين الأنواع؛ فأنا أشك أن ينتهي بك الأمر لأن تعتبر نفسك عنبة بنسبة الربع! وعلى أي حال، فإن الجينوم البشري يتشابه بدرجة كبيرة مع غيرنا من أنواع الثدييات بسبب وجود سلف مشترك يجمعنا بها. فعلى سبيل المثال، نجد أن نسبة التشابه الجيني بين البشر وبين نوعي الكلبيات والبقريات، تبلغ 85 بالمائة. ونظرا إلى هذه العوامل، وكذلك إلى الاختلاف السلوكي الواضح بين الكلاب والأبقار والبشر؛ فيجب أن نتأنى حين نستقي أي استنتاجات تقوم على التشابه الجيني بين الشمبانزي والبشر. وبالطبع، فعلينا ألا نتوقع أن حيوانات الشمبانزي قادرة على التفكير العددي بلا شك، لأنها وثيقة الصلة بنا فحسب؛ فالتغييرات الصغيرة في التكوين الجيني يمكن أن ينتج عنها، ضمن عوامل أخرى، تغييرات كبيرة في حجم الدماغ. ولكي نفهم العلاقة بين التفكير العددي لدى البشر، وما يرتبط بهم من الأنواع الأخرى؛ فعلينا أن ندع البيانات التجريبية هي التي تتحدث.

وها هي البيانات تتحدث؛ فعلى مدار العقود العديدة الماضية، كان العديد من الباحثين الجسورين يستكشفون العوالم الإدراكية لحيوانات الشمبانزي وغيرها من الرئيسات غير البشرية، ويضعون تصورا للإدراك العددي لدى هذه الحيوانات . ونتيجة لهذا التصور، فقد أصبح من الواضح لنا الآن أن أقاربنا من الرئيسات تتشارك معنا بالفعل في قدر من مهارتنا الفطرية في التعامل مع الأعداد، وهي تتشارك معنا أيضا في قدر من القيود التي نواجهها في غياب الأعداد. فهي تمتلك قدرات عددية متناددة، تتسم بتشابه صارخ مع حاستينا العدديتين للتمييز الدقيق للكميات الصغيرة، والتمييز التقريبي للكميات الكبيرة.

وفي تجربة شبيهة ببعض التجارب التي أجريت على أطفال البشر، اكتشف علماء النفس أن قرود الريسوس تستطيع التمييز بين الكميات الصغيرة. قدمت إلى القرود في هذه التجربة كميات مختلفة من طعام لذيذ (شرائح التفاح)، ثم أخفيت عن أبصارها. بعد ذلك، كان يسمح للقرود باختيار الكمية التي تريدها من هذا الطعام المختفي. وحين كان اختيارهم يقع بين 1 و2 من شرائح التفاح أو بين 2 و3، أو بين 1 و3، أو حتى بين 3 و4، فقد كانت تختار الكمية الأكبر دوما. بالرغم من ذلك، فقد اتضح أنها غير قادرة على اختيار الكمية الأكبر من شرائح التفاح بصورة مستمرة ومنتظمة، حين كانت تختار بين 4 و6 على سبيل المثال. في مثل هذه الحالات، كانت اختياراتها تتراجع إلى اختيارات عشوائية، مما يشير إلى أن أدمغتها مزودة بالقدرة على التمييز بين الكميات الصغيرة فقط.

15

وفي المهام التي تتسم بقدر أكبر من التجريد، اتضح أن قرود الريسوس أيضا تستطيع تمييز الفروق الكبيرة بين الكميات، لكن هذه القدرة على التمييز تتوقف على مدى التباين بين هذه الكميات. فعلى سبيل المثال، وضحت إحدى الدراسات أنه يمكن تدريب القرود على تمييز مجموعة من العناصر في ترتيب تصاعدي. وبعد تدريبها بهذه الطريقة، فقد تعلمت أن تختار مجموعات تتكون من عنصر واحد وعنصرين و3 عناصر و4 عناصر، بالترتيب. بعد ذلك، قدم الباحثون لها مجموعتين تحتويان على عدد أكبر من العناصر، وقد تمكنت القرود من لمس المجموعة الأصغر أولا بصورة منتظمة؛ فقد استطاعت ترتيب الكميات الكبيرة مثلما تعلمت ترتيب الكميات الصغيرة. بالرغم من ذلك، فقد كان الوقت الذي استغرقته القرود في أداء هذه المهام، يختلف وفقا لمدى التفاوت بين الكميات الكبيرة؛ فكلما زاد حجم التفاوت، زادت سرعة القرود في الاستجابة. وفي دراسة متابعة، كانت استجابة اثنين من القرود تشبه استجابة 11 من البالغين الذين أجريت التجربة عليهم حين منع الخاضعون للتجربة من البشر، من العد اللفظي. وهذا التشابه يدل على وجود حاسة عددية تقريبية قديمة، ورثها كل من قرود الريسوس والبشر.

16

إن النوع الأقرب للإنسان على شجرة الحياة، وهو يوجد على الغصن المجاور في حقيقة الأمر، يستطيع تمييز الكميات بطرق محكمة نسبيا. إن قدرات الشمبانزي على تمييز الكميات تذكرنا بما لاحظناه في أطفال البشر؛ فعلى سبيل المثال، مثلما يميل الأطفال إلى اختيار الكمية الأكبر من الحلوى حين يتاح لهم الاختيار، تميل حيوانات الشمبانزي إلى اختيار الكمية الأكبر من أصناف الطعام اللذيذة، حين تقدم إليها صينيتان تحتويان على كميات مختلفة من الأطعمة الشهية. وقبل 30 عاما تقريبا، لاحظ الباحثون في مجال الحيوان أنه عند تقديم طبقين يحتويان على كمية صغيرة من رقائق الشكولاتة إلى قردة الشمبانزي، كانت تختار الطبق الذي يحتوي على الكمية الأكبر في معظم الأحيان. غير أن أداء هذه الحيوانات قد أصبح يعتمد على الصدفة بصورة أكبر عند تقديم كمية أكبر من الشوكولاتة، مع عدم وجود فرق بارز بين الكمية الموجودة في كل طبق. بعبارة أخرى: كانت اختيارات القرود تتسم بتأثير نسبة الفرق ذاته، الذي لاحظناه في العديد من التجارب الأخرى التي أجريت على غير ذلك من الحيوانات والبشر الذين ينتمون إلى ثقافات لا عددية. والأمر الأجدر بالملاحظة، أن نتائج الدراسة المعنية التي تشير إلى أن قردة الشمبانزي لا تستطيع تمييز الكميات الكبيرة من رقائق الشوكولاتة عند وجود اختلاف كاف بين كمية الطبقين فحسب، بل تستطيع أيضا جمع الكميات معا قبل المقارنة بين إجمالي كمية رقائق الشوكولاتة في كل من الطبقين. ففي بعض الحالات على سبيل المثال، كانت القردة تواجه اختيارا بين طبقين. يحتوي أحد الطبقين على كومتين من رقائق الشوكولاتة، تحتوي إحداهما على ثلاث رقائق، بينما تحتوي الأخرى على رقاقتين. أما الطبق الآخر، فقد كان يحتوي على كومتين أيضا، لكن إحداهما تحتوي على أربع من رقائق الشوكولاتة، وتحتوي الأخرى على ثلاث منها. في مثل هذه الحالات، كانت القرود تدرك في معظم الأحوال أن الكمية الموجودة في الطبق الأول، وهي 5 (3 + 2)، أقل من الكمية الموجودة في الطبق الثاني، وهي 7 (4 + 3)، وهو ما يدل على أن قردة الشمبانزي قادرة على جمع الكميات الصغيرة، والمقارنة بين نتائج هذه العمليات الحسابية. بالرغم من ذلك، فعلينا أن نؤكد على أن اختيارات القرود كانت صحيحة في معظم الحالات فقط، وكانت تمتلئ بالأخطاء. علاوة على ذلك، فحين كان الفرق بين نتائج عمليات الجمع التي تقارن بينها صغيرا، مثل 7 في مقابل 8، تراجع مستوى الدقة. وبالرغم من أنه من المنطقي أن نستنتج من هذه التجارب أن قردة الشمبانزي تستطيع إجراء عملية الجمع على الكميات والمقارنة بينها بصورة تلقائية، فينبغي التأكيد على أن قدراتها على الجمع معرضة للأخطاء، لا سيما حين يكون الفرق بين الكميات التي تقارن بينها صغيرا، وهو ما أصبح نمطا مألوفا لنا بوصولنا إلى هذه المرحلة. وبناء على أبحاث مثل هذا البحث وغير ذلك من الأعمال التجريبية التي لم نعرضها هنا، يمكننا أن نثق بأن قردة الشمبانزي تتمتع بقدرة طبيعية على تقدير الكميات بصورة تلقائية، والتمييز بين الكميات الصغيرة على نحو دقيق. وبالطبع، فإنها ليست نوع الرئيسات الوحيد القريب منا، الذي يشترك معنا بدرجة ما في فهمنا البدائي للتمييز بين الكميات.

17

لقد أوضحت الأبحاث التي أجريت على الرئيسات أيضا أنها قادرة على تعلم الأرقام وربطها بالمعلومات الكاردينالية والمعلومات الترتيبية. أي إنها تستطيع أن تتعلم ترتيب الرموز مثل 2 و3 و4 و5، مع إدراك أن مثل هذا الترتيب يمثل زيادة في حجم المجموعة التي تتضمن عددا محددا من العناصر، وهي تلك العناصر كالحلوى التي قد تفوز بها عند توضيح فهمها للرموز. والواقع أن إحدى التجارب قد وضحت أن قرود الريسوس تستطيع أن تتعلم أن تلمس رموز الأعداد من 1 إلى 9 على شاشة الكمبيوتر في ترتيب تصاعدي، وأنها تستطيع أن تتعلم الكميات التي تمثلها هذه الرموز. ثم أوضحت التجارب بعد ذلك أن القرود السنجابية وقرود البابون، تتمتع هي أيضا بهذه القدرة. ففور تلقي التدريب المناسب على هذه الرموز، تبدي القرود السنجابية مقدرتها على جمع رموز الأعداد معا، مثلما يتضح ذلك من تفضيلها لاختيار كمية مضافة مثل (3 + 3) على اختيار (5 + 0)، حين يكون عليها الاختيار من بين خيارين يصفان كمية المكافآت التي ستحصل عليها بعد ذلك. إن هذه الاختيارات ليست منتظمة تماما، ومما لا شك فيه أن «حساب القرود» يتضمن بعض الأخطاء، مثلما قد نتوقع بالطبع. بالرغم من ذلك، فمن الواضح أيضا أن اختيارات القرود ليست عشوائية، والاختيارات التي تختارها في معظم الأحيان، تعكس فاعلية الرموز في تعزيز مهارة تمييز الكميات. إذن، يمكن للقرود أن تتعلم الأعداد، غير أن لهذا التعلم حدودا لا نجدها لدى البشر.

ناپیژندل شوی مخ