لا يعرف التحريم والتحليلا
ويود لو فرض على الناس حرامه وحلاله شريعة يأخذهم بها، وينزلها منزلة الشريعة التي درجوا عليها، أما الشخصية النرجسية فلا يلوح من عملها وقولها: أنها تريد إبطال المحرمات، بل يلوح من كل أعمالها وأقوالها أنها على نقيض ذلك؛ تريد أن تستبقي شيئا محرما لتستبيحه، وأمرا ملزما لتنعم بعصيانه، وشأنها شأن الطفل المدلل الذي يعطي هواه، ويقيس هواه ودلاله بمقياس التجني والحرمان، والولع بما يمتنع والإعراض عما يبذل ويسهل مناله، أو يستباح.
والتدليل هنا هو قوام توثين النفس والشعور بهذا التوثين من الآخرين، وغاية الهوى هنا في الطفل المدلل أنه يكلف أهله ما لا يوجد، ويأبى ما هو موجود وميسور.
وتلك هي الإباحية النرجسية التي تقترن بتوثين النفس وتدليها، ولا نموذج لها في الأدب العربي أوفى لعوارضها ولوازمها من أبي نواس.
لازمة الارتداد
أما «الارتداد» وهو اللازمة الثالثة التي ذكرناها من لوازم النرجسية، فهو الذي يعرف أحيانا باسم الصفات الثانوية، وليس من طبيعته أن يظهر قبل المراهقة، وربما تأخر إلى ما بعد المراهقة بسنوات إلى أن توجد النوازع الجنسية، التي لا تتأتى الاستجابة لها حين يكتفي النرجسي بتوثين نفسه.
ويسمى الارتداد بالصفات الثانوية؛ لأنه لا يبلغ مبلغ التشخيص والعرض في ملازمة النرجسية؛ ولأنه يأتي مرجوعا في شخص واحد، ويأتي لهذا على ثلاث درجات:
أولاها: توثين النفس.
وثانيتها: خلع الشخصية على إنسان آخر، ومن المتعذر أن يكون هذا الإنسان نسخة مكررة من الشخصية النرجسية كما تهواها، ففيها لا بد شيء من الاختلاف بالتحسين أو بالتقصير.
وثالثة الدرجات: أن تعود الشخصية النرجسية، فتستعير الملامح المختلفة، وتتلبس بها وتحسبها من ملامحها وصفاتها، وبخاصة إذا رأت أنها ناقصة فيها.
ناپیژندل شوی مخ