أحرى وأحزم من تنظر آجل
علمي به خبر من الأخبار
ما جاءنا أحد يخبر أنه
في جنة مذ مات أو في نار
ومن لم يسمع شعره فربما سمع نوادره وشهد مساخره، وقد دخل المسجد مرة وهو على أقبح السكر وسمع الإمام يقرأ: «قل يا أيها الكافرون» فصاح به من ورائه: لبيك. وشرب في يوم مطير فوضع قدحه تحت السماء، فوقع فيه المطر وقال لمن حوله: «أنتم تزعمون أنه ينزل مع كل قطرة ملك، فكم تراني أشرب الساعة من الملائكة»، ثم شرب ما في القدح.
ولعله كان يتحدث هنا وهناك بمذهب الثنوية، ويروي كلامهم في الظلمة والنور، ويهرف بما يعرف وما لا يعرف من هذه الأمور.
وقد مضى أبو نواس ومتهموه والشهود عليه، ومضى عصره كله وبقي من أخباره أنه كان يتزندق؛ لأنه كان يتفلسف، وأنه اطلع على علم النجوم، وعلوم الأوائل من الهند والروم، فزاغ عن اليقين، ومرق من الدين، إذ كانت كلها علوما منقولة عن الكفرة والملحدين.
أما أن أبا نواس سمع شيئا من تلك العلوم، وألم بطرف من آراء القوم، فذلك مفهوم من أقوال نذكر منها:
تحيرت والنجوم وقف
لم يتمكن بها المدار
ناپیژندل شوی مخ