قال: «قل ما الذي تراه الآن. لقد أعجبني سداد رأيك بالأمس.» فأطرق الضحاك هنيهة كأنه يعمل فكرته ثم قال: «ألا ترى، بعد أن قتل الكرماني، أن تتخلص من ابنه فيخلو لك الجو؟!»
قال: «وشيبان.»
فضحك الضحاك وهو يقول: «شيبان؟ وما شأن هذا الخارجي أمام سطوتك؟ إنه ليس ممن يحسب لهم حساب.»
قال: «كيف لا وهو صاحب جند وعصبية مثل الكرماني.»
قال الضحاك: «إذا قتلت ابن الكرماني، فعلي تدبير أمر شيبان.»
وكان أبو مسلم في أثناء حديثه ينظر إلى قلنسوة الضحاك وفي نفسه أن يعلم ما تحتها، وقد لحظ من وراء حافتها أن رأس الضحاك حليقا، فأومأ بقضيب إلى القلنسوة وقال: «ومن أتاك بهذه القلنسوة؟» وأظهر أنه غمزها بالقضيب سهوا فسقطت، فبان رأسه حليقا، فوثب الضحاك وقد بغت وتظاهر بالمجون، وبادر إلى القلنسوة فأعادها إلى رأسه حالا وهو يقول: «وقد انتظمت في سلك المجوسية من عهد قريب.»
فتجاهل أبو مسلم ما استطلعه من حلق رأسه وتضاحك وقال: «إن الكهانة خليقة بالفرس وليس بالعرب.»
فأصلح الضحاك قلنسوته وقد امتقع لونه من تلك المفاجأة، ولكنه صدق أن أبا مسلم إنما فعل ذلك سهوا، فقال: «إن الرجل يغير زيه في سبيل تحقيق هدفه، ولو لم ألبسها ما استطعت الوصول إلى خيمتك.»
فتظاهر أبو مسلم بتصديقه وقال: «إنك لتعجبني بجدك وهزلك! فلنعد إلى الجد. قل لي إذا أردنا التخلص من ابن الكرماني؛ فما الحيلة؟»
قال: «إن قتل هذا الرجل هين وصعب في نفس الوقت .»
ناپیژندل شوی مخ