ابومسلم خراساني

جرجي زيدان d. 1331 AH
206

ابومسلم خراساني

أبو مسلم الخراساني

ژانرونه

فقال المنصور: «تقول ذلك ولا تخشى غضبي؟»

فقال صالح: «لست أخشى غضبك. فهل تستطيع أن تفعل بي شيئا أشد من القتل؟ وأنا لا أبالي بالذي يصيبني بعد أن حققت هدفي بقتل هذا الظالم، غير أني أنصحك أن تقتل هذا اليهودي أيضا؛ لأنه من أكبر المنافقين.»

فقال المنصور: «أما القتل، فإنه قليل على ذنوبك؛ لأنها كثيرة، وكل واحد منها تستحق عليه القتل.» ثم نظر إلى جلنار فرآها مطرقة وقد استغرقت في أحزانها، فأراد أن يشفي غليلها، فقال لها: «إن هذا الجاني لك؛ فاختاري الطريقة التي تريدينها لقتله مما يشفي غليلك.»

فرفعت بصرها إلى الخليفة والدمع ملء عينيها وقالت: «هل إذا بالغت في عذابه يحيا حبيبي؟ لا يهمني بأية طريقة يقتل.» قالت ذلك وقد خنقتها العبرات. وكانت قد هدأ روعها من البغتة وعاد إليها رشدها.

فأعجب المنصور بتعقلها والتفت إلى صالح وقال: «كل ضروب القتل قليلة على ذنوبك، ولكنني سأقتلك كما قتل الحجاج فيروز.» وصفق فدخل الحراس، فأمرهم أن يشقوا القصب الفارسي ويخلعوا ملابس الرجل، ويشدوا القصب المشقوق على جسده، ثم يسلوه قصبة قصبة فيجرحه، ثم يصبون عليه الخل والملح حتى يموت من الألم، فأخذوه وفعلوا به ما أمرهم به الخليفة.

فلما سمعت جلنار ذلك الوصف اقشعر بدنها، والتفت المنصور إليها وقال: «وأنت يا بنية، عظم الله أجرك في والدك وحبيبك، وقد نفد القدر، ولا راد لما نزل، فإذا شئت أن تنزلي في دار أمير المؤمنين مثل سائر أهله نزلت مكرمة معززة، أو اخترت الإقامة في مكان آخر؛ كان لك ما تريدين.»

فأثنت على فضل المنصور وقالت: «إذا أحب أمير المؤمنين أن يسعدني فليلحقني بهذا.» وأشارت إلى مكان أبي مسلم وعادت إلى البكاء.

فقال المنصور: «إن البكاء لا ينفعك؛ فاذهبي الآن مع حاضنتك إلى دار النساء للاستراحة؛ فإننا في شغل.»

فنهضت وأخذت تبحث عن جثة أبي مسلم في أقصى القاعة فلم تجدها؛ لأنهم كانوا قد لفوها في البساط، ثم التفتت إلى المنصور ووجهها ملوث بالدم وقالت: «أوصيك بهذه الجثة خيرا.» وخرجت وهي تبكي وكفاها على عينيها، وقد جمد الدم عليهما، وريحانة تتبعها.

أما إبراهيم فإن وصية صالح بقتله أثرت على المنصور، وأوجبت الشك فيه على الأقل، فأمر بقتله سرا. والتكتم وحفظ الأسرار من شئون الدولة العباسية.

ناپیژندل شوی مخ