قال: «نعم.»
فبهت الضحاك لذلك الدهاء، وتحقق أن أبا مسلم بعث إليهم ليكونوا في قبضته، فإذا أصبح الصباح وعلموا بموت ابن الكرماني كان هو في مأمن من عصيانهم، فأحس بعظم دهاء ذلك الخراساني وسهره على مصلحته، ووقف برهة يفكر في ماذا يجب أن يفعله، فلم ير له حيلة غير الفرار بالخوارج ريثما يجد سبيلا للانتقام، فأسرع نحو معسكرهم وهو يخاف أن يكون أبو مسلم قد دبر عليهم حيلة، وقد غلب على وهمه أن هذا الرجل قادر على كل شيء، فسار إلى شيبان حتى إذا أقبل على فسطاطه دخل عليه وقص عليه ما وقع، وقال له: «لم يبق لنا فائدة من البقاء هنا؛ فانصرف برجالك إلى مكان نتربص فيه ريثما ندبر حيلة أخرى.»
فتردد شيبان في الأمر مدة، ثم اقتنع بوجوب التنحي فأمر بالإقلاع، وطلب من الضحاك أن يصحبه، فقال: «دعني أتدبر الأمر؛ فإني غير تارك هذا الخراساني حتى أنتقم منه شر انتقام.» قال ذلك وخرج، وأخذ شيبان في الاستعداد للرحيل.
الفصل السابع والأربعون
الرحيل
أما جلنار فقد تركناها في غرفتها تحاول الرقاد ولا تستطيعه؛ لهول ما شاهدته تلك الليلة من الأمر العظيم، وريحانة إلى جانبها تخفف عنها، وتفكر في الورطة التي وقعتا فيها، وتبحث عن حيلة تنجوان بها من ذلك المعسكر قبل أن يصبح الأمراء ويعلموا بموت ابن الكرماني فلا تدري كيف تتخلص منهم، فتذكرت الضحاك، فقالت لسيدتها: «الآن وقت الضحاك - قبحه الله - إنه لا يغيب عنا إلا في وقت الحاجة إليه.»
فقالت جلنار «وأين هو يا ترى؟ لا أظنه يتركنا الليلة وهو يعلم حالنا وما نحن فيه، ولا بد من مجيئه عاجلا.»
فقالت ريحانة: «وإذا لم يأت؟»
قالت: «إذا لم يأت. ألا ترين أن نحتال في الذهاب إلى أبي مسلم في مرو؟»
فأطرقت ريحانة هنيهة ثم قالت: «وما قولك بالرجوع إلى بيت سيدي الدهقان فنقص عليه ما وقع، وهو لا شك إذا علم بفوز أبي مسلم وموت ابن الكرماني يرضى به بعلا لك، فتزفين إليه مكرمة معززة.»
ناپیژندل شوی مخ