ابو حنیفه او انساني ارزښتونه په هغه مذهب کې
أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه
ژانرونه
لا جرم إذن أن يتأثر أبو حنيفة تأثرا كبيرا بهذه الأحداث التي نشأ فيها، وعاش بينها، وأسهم في بعضها؛ وأن يعمل فيها فكره، وأن تكون عاملا هاما - بجانب العوامل الأخرى التي سنتكلم عنها فيما بعد - في طبع تفكيره بطابع خاص، وفي توجيهه الوجهة التي اتجه إليها، وجعلته إماما من أئمة الفقه الإسلامي.
وهذا العصر، الأموي والعباسي معا، الذي عاش فيه أبو حنيفة، كان مليئا بالحركات الفكرية وأرباب المقالات والمذاهب المختلفة - من سياسية ودينية وفلسفية وكلامية - من المسلمين الأصلاء، أو من غيرهم من أبناء الأمم المختلفة الذين دخلوا في الإسلام غير متناسين ما كان لهم من ديانات وتفكير، وكذلك من غير المسلمين الذين كانوا يعيشون في المملكة الإسلامية.
كما كانت هناك مراكز زاهرة للعلوم الإسلامية التي بلغت الذروة أيام العباسيين، وهذه المراكز نجد أعلاها شأنا في العراق، وفي الحجاز، وفي الشام، وفي مصر.
وكان العراق موطن أبي حنيفة، ومجاله الأول، من أوفر هذه الأقطار حظا من تلك الحركات والمقالات والأفكار المختلفة؛ وذلك لما كان يزخر به من أولئك الأقوام والأجناس الأجنبية الذين دخلوا في الإسلام، أو عاشوا حينا من الدهر تحت ظل الإسلام ولوائه، وكانت لهم مذاهبهم في الدين والفكر وطرقهم الخاصة في التفكير.
وكذلك أيضا؛ لأن العراق - على ما هو معروف - كان حلقة الوصل الكبرى بين الثقافة الإسلامية والثقافة الأجنبية، وذلك حين نقلت الفلسفة اليونانية وكثير من العلوم والآداب الأجنبية إلى العربية أيام العباسيين.
إلا أن الإسلام، وهو دين الأمة الغالبة الحاكمة، استطاع أن يجعل من كل هذه الثقافات العديدة المختلفة، ثقافة واحدة مشتركة، وهي ما سميت بعد وما نسميها اليوم الثقافة العربية الإسلامية؛ كما جعل من كل هذه العناصر التي يتكون منها جسم الدولة الإسلامية أمة واحدة، تسري فيها الروح العربية القوية الغالبة، ولها أدب واحد، وعلوم واحدة مشتركة ألفت بين الجميع؛ وبذلك صار الجميع يتكلمون لغة واحدة، هي اللغة العربية، ويتعاونون في إقامة صرح ثقافة واحدة، هي الثقافة الإسلامية بأوسع معانيها؛ أي بما تشتمل عليه من آداب وفلسفات وعلوم مختلفة.
وصف هذا العصر
ولكل عصر سماته وخصائصه التي تميزه من غيره من العصور، سواء في هذه الناحية السياسية والناحية الاجتماعية والناحية العقلية، وفي كل ناحية من هذه النواحي تعمل مؤثرات وعوامل مختلفة، ولكل من هذه المؤثرات والعوامل آثارها ونتائجها في النواحي التي ذكرناها.
ونحن هنا لا نحاول تأريخ ذلك العصر من جميع نواحيه؛ ولكن همنا هو وصفه من الناحية العقلية وحدها؛ ولهذا لن نتناول النواحي الأخرى إلا بقدر ما يكون لها من أثر في الناحية العقلية التي هي موضع العناية في هذا البحث؛ ولذلك لن نلم بالناحية السياسية والناحية الاجتماعية إلا بمقدار ما يعيننا على ما نحن بسبيله؛ نعني تجلية الناحية العقلية من جانبها الخاص بالفقه الذي نبغ فيه الإمام أبو حنيفة.
البيئة العامة
ناپیژندل شوی مخ