55

فانتفض أبو العلاء انتفاضة العربي المسبوب في نسبه وصاح بالتلميذ: ويح الرجل! ماذا عساه أن يريد مني بعد هذا التخليط؟ قل له إن كان لا يسمع مني. قل له أنا القائل:

لا يفخرن الهاشمي

على امرئ من آل بربر

فالحق يحلف ما علي

عنده إلا كقنبر

وذلك حسبه من جواب. •••

ثم هجم صحفي آخر يبدو عليه الاغتباط بما سمع من زجر زميله، وأقبل يقول: تحية الإخوان إلى العربي العظيم، أنا ابن من أبناء سام.

فهم أبو العلاء بالنهوض وهو يكاتم السخط والضجر، وقال: أما فرغنا بعد من سام وحام؟ من هذا يا بني؟ وهو يوجه السؤال إلى التلميذ الحائر بين أستاذه وبين طلاب الزيارة والسؤال، من صحفيين ومستشرقين ومستطلعين، فبادر الصحفي الآخر إلى جواب أبي العلاء، وتلطف في تسكين غضبه والترفيه في ضجره، وأنبأه أنه من أبناء إسرائيل، وأنهم والعرب أبناء عمومة، وأنه يريك منه كلمة الفصل في خصومة الآريين والساميين، وأنها قلما تنفع في بلاد الجرمان وقلما يجسر على نشرها بينهم أو نشر كلام يخالف ما يروجونه من أقوالهم، ولكنه يبعث بها خفية إلى أناس يذيعونها في الخافقين، ويعتزون بها في خصومة الجنسين، وفي كل خصومة بين طرفين، أحدهما آل إسرائيل !

وهنا أدركت أبا العلاء فكاهته المطبوعة وسخره من (تزاحم الأضداد) على قديم الأجداد، أو على ميراث المال والعتاد، وهم يلهجون بميراث الآباء والأولاد، وقال وقد تهيأ للمسير وتلميذه يعتذر بموعد القطار ووشك الرحلة وخوف التأخير: يا أخي، تلك خصومة لا يفصل فيها غير الله! أنتم شعب الله المختار في القديم، والجرمان شعب الله المختار في الحديث، فاسألوه ولا تسألوني أيكما صاحب الحظوة الآن؟

مع المشيعين

ناپیژندل شوی مخ