روي أنه حضر مجلسه يوما، وجرى ذكر المتنبي، فتنقصه المرتضى، وجعل يتتبع عيوبه؛ لبغضه له، وتعصبه عليه. وكان أبو العلاء على عكسه يتعصب للمتنبي، ويزعم أنه أشعر المحدثين، ويفضله على بشار ومن دونه؛ كأبي نواس وأبي تمام. فقال: لو لم يكن للمتنبي إلا قوله: «لك يا منازل في القلوب منازل» لكفاه فضلا. فغضب المرتضى، وأمر به فأخرج من مجلسه، ثم التفت إلى من بحضرته، وقال لهم: أتدرون أي شيء أراد الأعمى بذكر هذه القصيدة، مع أن لأبي الطيب ما هو أجود منها؟ فقالوا: النقيب السيد أعرف، فقال: أراد قوله في هذه القصيدة:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص
فهي الشهادة لي بأني كامل
قلت: ومن التلميح المستعذب بهذا البيت، ما وقع للفتح بن خاقان مع ابن الصائغ، وقد ذكره بسوء في كتابه قلائد العقيان، فمر عليه ابن الصائغ يوما وهو في جماعة، فضرب بيده على كتفه، وقال: إنها شهادة يا فتح. ثم مضى في سبيله، فتغير لون الفتح، وقال: والله ما بلغت بوصفي له في كتابي عشر ما بلغ مني بهذه الكلمة!
ويشبه قصة المعري مع المرتضى ما وقع للخالدين مع سيف الدولة، لما عاتباه في تفضيله المتنبي، وقالا: ليختر الأمير ما شاء من قصائده، حتى تنظم ما هو أجود منها، فاقترح عليهما أن يعارضا قوله:
لعينيك ما يلقي الفؤاد وما لقي
وللحب ما لم يبق مني وما بقي
فلما كررا النظر فيها لم يجداها من غرر قصائده، ثم فطنا إلى أن سيف الدولة أراد بهما قوله فيها:
إذا شاء أن يلهو بلحية أحمق
أراه غباري ثم قال له الحق
ناپیژندل شوی مخ