ابتسمت ابتسامة تنم عن فهمها للسؤال. «تعني هل أومن بالرب؟ كلا، لقد فات الأوان فيما يخصني. لكني أومن بقوة جوليان وشجاعتها وأومن بمهارتي. لكن إن عبر بنا لبر الأمان فسأغير رأيي، وأرى ما إذا كان بإمكاني أن أوطد علاقتي به.» «لا أظن أنه يقبل المساومات.» «بل يقبلها. قد لا أكون مؤمنة لكني درست الكتاب المقدس. فقد كانت أمي حريصة على ذلك. أعرف أنه يقبل المساومات بكل تأكيد. لكن من المفترض أنه عادل. إن كان يريد أن أومن به، فعليه أن يعطيني برهانا.» «على أنه موجود؟» «على أنه يبالي.»
وظلا واقفين ينظران ذلك الجسد المعتم التي كان بالكاد يمكن تمييزه عن جذع الشجرة الأكثر عتمة، والذي بدا كأنه جزء منه، لكنه كان ساكنا الآن لا يتحرك، يستند إلى الشجرة وكأنما بلغ به الإرهاق مبلغه.
سأل ثيو ميريام وهو يدرك عدم جدوى السؤال: «هل سيكون على ما يرام؟» «لا أدري. كيف لي أن أعرف؟»
تحركت من جانبه وسارت تجاه رولف، ثم وقفت في صمت تنتظر وهي تعلم أنه بحاجة إلى شخص يواسيه، ولم يكن يوجد أحد يمكن أن يلجأ إليه سواها.
نهضت جوليان من أمام جثة لوك. وشعر ثيو بعباءتها تلامس ذراعه لكنه لم يلتفت لينظر إليها. كان يجتاحه مزيج من المشاعر، الغضب الذي كان يعلم أنه لا يحق له الشعور به، وراحة قوية أقرب إلى البهجة؛ لأن رولف لم يكن هو والد الطفل. لكن الغضب كان هو الشعور الأقوى في تلك اللحظة. كان يريد أن ينفجر فيها غضبا، وأن يقول لها: «أتلك حقيقتك إذن؟ بائعة هوى لأفراد الجماعة؟ ماذا عن جاسكوين؟ كيف تعرفين أنه ليس والد الطفل؟» لكن تلك الكلمات لم تكن ستغتفر أو ستنسى إن كان تفوه بها. كان يدرك أنه لا يحق له السؤال لكنه لم يستطع أن يكتم كلماته الحادة المنطوية على اتهام أو يخفي الألم المستتر وراءها. «هل أحببت أيا منهما؟ هل تحبين زوجك؟»
قالت بهدوء: «هل أحببت زوجتك؟»
رأى أن سؤالها كان جديا وليس انتقاميا، فأجابها إجابة جدية صادقة. «أقنعت نفسي أني أحبها عندما تزوجتها. واستحضرت بداخلي المشاعر الملائمة دون أن أعرف ما هي تلك المشاعر الملائمة. منحتها صفات ليست بها ثم كرهتها لأنها تفتقر إليها. كان ممكنا فيما بعد أن أتعلم أن أحبها لو كنت اهتممت باحتياجاتها أكثر من اهتمامي باحتياجاتي.»
قال في نفسه: ذلك وصف دقيق للزواج. ربما تلخص تلك العبارات الأربعة حال معظم الزيجات، ناجحة كانت أم فاشلة.
نظرت إليه بثبات لبرهة ثم قالت: «تلك هي إجابة سؤالك.» «ولوك؟» «لا، لم أحبه، لكنني أحببت حبه لي. كنت أغبطه لقدرته على أن يحب بتلك القوة، وأن يشعر بتلك القوة. لم يكن لي أحد من قبل مشاعر بتلك القوة؛ لذا منحته ما أراد. لو كنت أحببته لكان ...» سكتت لبرهة ثم قالت: «لكان ذنبي أهون.» «ألا تظنين أن تلك كلمة أكبر من أن تستخدم لوصف فعل بسيط ينم عن الكرم؟» «لم يكن فعلا بسيطا ينم عن الكرم. بل كان إشباعا لرغبة في نفسي.»
كان يدرك أن ذلك ليس بالوقت المناسب لخوض ذلك الحديث، لكن متى يحين الوقت المناسب؟ كان يجب أن يعرف وأن يفهم. قال: «لكنك كنت ستعتبرين الأمر عاديا، أو لكان ذنبك أهون، على حد تعبيرك، لو كنت أحببته. أنت إذن تتفقين مع روزي مكلور في أن الحب مبرر وعذر لكل شيء؟» «كلا، لكنه فطرة جبل عليها البشر. ما فعلته هو أني استغللت لوك بدافع الفضول وكسر الملل، وربما كنوع من الانتقام من رولف لأن اهتمامه بالجماعة يفوق اهتمامه بي، وعقابا له لأني ما عدت أحبه. هل يمكنك أن تتفهم ذلك؟ هل يمكنك أن تتفهم الحاجة لأن تؤذي شخصا لأنك لم تعد تحبه؟» «أجل أتفهمه.»
ناپیژندل شوی مخ