105

Abkar al-Afkar fi Usul al-Din

أبكار الأفكار في أصول الدين

ژانرونه

الفصل الأول

فى أن الحد يرجع إلى قول الحاد ، أو إلى صفة المحدود.

** وقد

** اختلف أئمتنا فى ذلك :

فذهب أكثرهم : إلى أن الحد راجع إلى نفس المحدود ، وصفته فى نفسه ، فالحد والحقيقة عندهم بمعنى واحد ؛ ولهذا قالوا : / الحد هو حقيقة الشيء ، ومعناه.

وذهب القاضى : إلى أن الحد راجع إلى قول الحاد المنبئ عن حقيقة المحدود وصفته. معتمدا فى ذلك على أنه (2): لو كان الحد هو الحقيقة ؛ لصدق إطلاق الحد ، على كل ما يصدق عليه إطلاق الحقيقة.

وهو غير مطرد فى حق الله تعالى ؛ حيث يقال له حقيقة ، ولا يقال له حد (3) . والحق فى ذلك : أن الحد فى اللغة ، عبارة عن المنع ، ومنه يقال للبواب حداد ؛ لمنعه بعض الناس عن الدخول ، وللحديد حديد ؛ لامتناع تفككه بسهولة. وللعقوبات حدود ؛ لافضائها إلى المنع من الإقدام على الجنايات.

وعند ذلك فلا يخفى صحة إطلاق الحد لغة : على حقيقة الشيء ، من حيث إنها حاصرة له مانعة من دخول غيره فيه ، والقول المعبر عن الحقيقة أيضا ، مطابق لها ؛ فيكون مشاركا لها فى المنع من دخول ما خرج عن الحقيقة فيها ؛ فلا يمتنع أيضا إطلاق اسم الحد عليه لغة ، ولا معنى لتصويب أحد القولين ، وإبطال الآخر من جهة اللغة ، وامتناع إطلاق اسم الحد على الله تعالى وجواز إطلاق الحقيقة عليه ، مما لا يدل على امتناع كون الحقيقة حدا بالمعنى اللغوى ، وإن امتنع إطلاق ذلك شرعا ؛ لعدم ورود الشرع به ، أو لوروده بالمنع منه ؛ لكن مع هذا كله ، ليس المقصود البحث (4) عن معنى الحد لغة ؛ بل البحث عن الحد الذي هو طريق تعريف الحقيقة ، بالكشف (5) عنها ؛ وذلك لا يكون بنفس الحقيقة ؛ بل بما هو خارج عنها وهو دليل عليها ؛ وذلك هو القول ؛ فليكن البيان مختصا به.

مخ ۱۷۹