ولحفظ أبي هريرة ﵁ سبب خصه به رسول الله ﷺ كما في صحيح البخاري وجامع الترمذي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ﵁ قال قلت يا رسول الله إني أسمع منك حديثًا كثيرًا أنساه قال «ابسط رداءك» فبسطته قال فغرف بيده ثم قال «ضمه» فضممته فما نسيت شيئًا بعده، هذا لفظ البخاري وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح قد روي من غير وجه عن أبي هريرة، وفي جامع الترمذي أيضًا عن أبي الربيع عن أبي هريرة ﵁ قال أتيت النبي ﷺ فبسطت ثوبي عنده ثم أخذه فجمعه على قلبي فما نسيت بعده حديثًا، قال الترمذي هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
وروى النسائي في العلم من كتاب السنن أن رجلًا جاء إلى زيد بن ثابت فسأله فقال له زيد عليك بأبي هريرة فإِني بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ندعو الله ونذكره إذ خرج علينا رسول الله ﷺ حتى جلس إلينا فقال «عودوا للذي كنتم فيه» قال زيد فدعوت أنا وصاحبي فجعل رسول الله ﷺ يؤمن على دعائنا ودعا أبو هريرة فقال إني أسألك ما سأل صاحباي وأسألك علمًا لا ينسى فقال رسول الله ﷺ «آمين» فقلنا يا رسول الله ونحن نسأل الله علمًا لا ينسى فقال «سبقكما بها الغلام الدوسي» قال الحافظ ابن حجر في الإِصابة سنده جيد.
وفي صحيح البخاري عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ﵁ قال حفظت من رسول الله ﷺ وعائين فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم.
قال ابن كثير في «البداية والنهاية» وهذا الوعاء الذي كان لا يتظاهر به هو الفتن والملاحم وما وقع بين الناس من الحروب والقتال وما سيقع التي لو أخبر بها قبل كونها لبادر كثير من الناس إلى تكذيبه وردوا ما أخبر به من الحق كما قال لو أخبرتكم أنكم تقتلون إمامكم وتقتتلون فيما بينكم بالسيوف لما صدقتموني، انتهى.
وقد شهد غير واحد من أكابر الصحابة ﵃ لأبي هريرة ﵁ بالحفظ وأنكر بعضهم وبعض التابعين إكثاره من الحديث فرد عليهم أبو هريرة ﵁ فسكتوا ولم يعارضوه، وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة منها ما رواه الترمذي عن ابن عمر ﵄ أنه قال لأبي هريرة يا أبا هريرة أنت كنت