...
بين العقيدة والقيادة
خپرندوی
دار القلم - دمشق
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
د خپرونکي ځای
الدار الشامية - بيروت
ژانرونه
وكان للإسلام أثر كبير في تغيير قيمة الأشياء والأخلاق في نظر العرب، فارتفعت قيمة أشياء، وانخفضت قيمة أشياء أخرى، وأصبحت مقومات الحياة في نظرهم غيرها بالأمس.
إن الإسلام رسم مثلًا أعلى غير المثل الأعلى للحياة في الجاهلية، وهذان المثلان لا يتشابهان وكثيرًا ما يتناقضان، فالشجاعة الشخصية والشهامة التي لا حدَّ لها، والكرم إلى حد الإسراف، والإخلاص التام للقبيلة، والقسوة في الانتقام، وأخذ الثأر ممن اعتدى عليه أو على قريب له أو على قبيلته بقول أو فعل - هذه المُثل التي كانت أصول الفضائل عند العرب والوثنيين؛ أصبحت في الإسلام الخضوع لله والانقياد لأوامره والصبر، وإخضاع منافع الشخص ومنافع قبيلته لأوامر الدين، والقناعة وعدم التفاخر أو التكاثر وتجنب الكبر والعظمة - هي المثل العليا للمسلم في الحياة (١).
إن الإسلام صهر نفسية العرب ونفى عنها الخبَث، فأصبح العربي المسلم لا يكذب ولا يسرق ولا يزني ولا يخون ولا يغش ولا يتجسس، يخلص لعقيدته أكثر مما يخلص لنفسه، ويطيع أوامر الله ورسوله وأولي الأمر (٢)، وبذلك أصبح فردًا مفيدًا باع نفسه لله إخلاصًا لعقيدته.
هذا العربي المسلم، بهذه المزايا النادرة، أصبح بدون شك عنصرًا مفيدًا كل الفائدة لتكوين أمة صالحة: تَعْبُدُ ربًا واحدًا، وتعمل بانسجام وتعاون ونكرانِ ذاتٍ، لتحقيق هدف واحد، هو أن تكون كلمة الله هي العليا.
_________
(١) أحمد أمين: فجر الإسلام (١/ ٩٣ - ٩٥)، الطبعة الأولى، القاهرة.
(٢) ما أطاعوا الله، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
1 / 109