97

...

سلسلة إيمانيات

ژانرونه

من حقوق النبي ﷺ علينا اتباعه وكل أحد من الناس يقول: أنا أحب الله، فالمرتشي يقول: أنا أحب الله. والحرامي يقول: أنا أحب الله. والعاصي يقول: أنا أحب الله. فهل صدقوا في حبهم؟! لقد قال الله جل وعلا: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران:٣١]، فالله ﵎ يحب أهل الاتباع للنبي ﷺ: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي) اتبعوا من؟ اتبعوا النبي ﷺ: ﴿فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [آل عمران:٣١] الآية، فمن حق النبي ﷺ علينا أن نطيعه فيما أمر، وأن ننتهي عن كل ما نهى عنه النبي ﷺ وزجر. وتدبر معي قول الله ﵎ وهو يبين هذين الحقين العظيمين للرسول ﷺ في آية واحدة جامعة، فيأمر الله ﷾ ويقول: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) أمر، وهذا حجة على من ينكر سنة النبي ﵊ ويقول: نحن يجب علينا أن نكتفي بالقرآن، ها هو القرآن يأمر الجميع أن يرجع إلى النبي ﷺ وإلى امتثال أمره: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر:٧] أمر من الله ﷾، فالرسول ﵊ له أمر وله نهي، وأمر الله ﷾ أهل الإسلام وأهل الإيمان أن يمتثلوا أمر النبي ﷺ، وأن يجتنبوا نهيه، وأن يقفوا عند الحدود التي حدها -بأبي هو وأمي ﷺ فقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر:٧] . فطاعة النبي ﷺ طاعة لربه العلي، ومعصية النبي ﷺ معصية لله، واقرأ معي قول الله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) هكذا، من يطع الرسول فقد أطاع الله، آية حاسمة: ﴿وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [النساء:٨٠]، وقال جل وعلا: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آل عمران:١٣٢]، ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ [المائدة:٩٢] (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا) أي: احذروا أن لا تطيعوا أمره، واحذروا أن تخالفوه. (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) فوظيفته ﷺ أن يبلغ، وأن يؤدي ما عليه لله ﵎ من حق الدعوة والإنذار والبلاغ. ويقول ربنا وتعالى في آية جميلة يلخص فيها ثمرة الطاعة لحبيبه ﷺ: ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [النور:٥٦]، وقال الله ﵎: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧١] . ومن أرق ما ثبت من الأحاديث الصحيحة ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)، فهل يوجد أناس يكرهون دخول الجنة؟ نعم بنص الحديث: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)، والذي لا يريد أن يدخل هو حر، (قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟!) من الذي يكره أن يدخل الجنة؟! فقال ﷺ: (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)، فمسألة الزعم بأننا نحب رب العزة ونحب النبي ﵊ دون أن نمتثل أمر النبي، ودون أن نجتنب نهي النبي إنما هو زعم يحتاج إلى قدم وساق، ويحتاج إلى أدلة على أرض الواقع. وفي صحيح البخاري من حديث جابر بن عبد الله -وهذا حديث جميل- (أن ملائكة جاءت إلى النبي ﷺ وهو نائم، فقال بعضهم -أي: بعض الملائكة-: إنه نائم. وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان)، وهذه من خصائص سيدنا رسول الله ﷺ، فقد كان إذا نام تنام عينه ولا ينام قلبه. (جاءت ملائكة إلى النبي ﷺ وهو نائم، فقال بعضهم: إنه نائم. وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان. فقال بعضهم: إن لصاحبكم هذا مثلًا فاضربوا له مثلًا. قالوا: مثله كمثل رجل بنى دارًا وجعل فيها مأدبة -وليمة- وبعث داعية -أي: بعث داعية يدعو الناس ليدخلوا الدار وليأكلوا من المأدبة- فمن أجاب الداعية دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعية لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة. فقال بعض الملائكة: أولوها له يفقهها -أي: وضحوا له الرؤية هذه وفسروا له هذا المثل- فقالوا: الدار الجنة، والداعي هو محمد، فمن أجاب الداعية -أي: من أجاب محمدًا ﷺ وامتثل أمره وأطاعه واجتنب نهيه وسار على طريقه- دخل الدار -أي: دخل الجنة- وأكل من المؤدبة فاستمتع بنعيمها، ومن لم يجب الداعية -أي: من أعرض عن رسول الله ﷺ وعن منهجه- لم يدخل الدار) لم يدخل الجنة، ولم يستمتع بنعيمها، فمحمد فرق بين الناس أو فرق بين الناس، فمن آمن بالله ورسوله فهذا هو الذي وعده الله بالسعادة والنعيم المقيم في الدنيا والآخرة، ومن كفر بالله وبرسوله ﷺ فهؤلاء -نعوذ بالله من الخذلان- هم أهل الشقاء والضلال في الدنيا والآخرة، حتى وإن اغتر بعض الناس بسعادة وهمية لهؤلاء المجرمين من الكفرة بالدنيا، لا والله، فقد صدق ربي إذ يقول: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى﴾ [طه:١٢٣-١٢٧]، فشعار المؤمن الصادق أن يقول لله ولرسوله القالة الجميلة قالة السابقين الأولين: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة:٢٨٥] .

9 / 5