كانت السماء تمطر كل يوم، والحقول تنضح ماءها من حقل إلى حقل، والجداول تنهمر شلالات من الجبال، وهدير سيل شوكة يدوي في الوادي، اكتست الجبال والمراعي بحلة خضراء. والعصافير تلتقط حشرات الشظوية التي تخرج من بيوتها تحت الأرض بعد المطر، وكثير من سكان القرى يحبون أكلها مقلية. والراعية العجوز حسناء تعود باكرا من المرعى الوحيد في القرية. بدأت النساء المرحلة الأولى من العناية بالزرع وهي «الفقح». يبقين الأفضل منه وينزعن الآخر لأبقارهن . هي فطرة لدى الفلاح كاختياره لأفضل الحبوب بذورا للسنة المقبلة، وهو لا يعرف الانتخاب الطبيعي، البقاء للأفضل، تلك النظرية التي عرفها الفلاح قبل أن يعرفها دارون وماندل.
كان زربة يقوم ببناء غرفة لسعيد حيدر مقابل حزمة من القات ودجاجة لغدائه، أو بيضا لعشائه. حين انتهى من البناء كانت فرحة سعيد كبيرة، لولا تلك الصخرة التي انزلقت من الجبل أثناء المطر، ودكت في طريقها عشرة جدران من حقوله، أخذ سعيد يندب حظه ويلوم نفسه على سخريته من المطر، حين كان ذات يوم يشاهد مزنا يصب ماءه أسفل جبل قريتهم وظل يمطر هناك، حينها وصف سعيد المطر بالعاجز على صعود الجبل. اجتمع أهل القرية وأعادوا بناء ما دكته الصخرة. هكذا كان أهل القرى يعيدون بناء ما يهدمه المطر من الحقول أولا بأول ويستصلحون حقولا جديدة.
استغل الوطواط وجود زربة في القرية وتوفر المياه، فدعاه هو وبعض الأهالي لمساعدته في بناء غرفتين فوق سطح بيته. كان القات الذي يوزعه لا يكفي زربة، وكذلك لحم الدجاج، فكان زربة يعوض نفسه بالحلاوة. الشيء الذي لم يعجب زربة هو أن ناجي المقشش، كان ينقل الحجارة ويدندن:
خلوني
47
أسرح مع أخضر اللون
خلوا التتن
48
والقات لغيرة اليوم
رد زربة عليه:
Halaman tidak diketahui