كان هذا منطق سلوكي في فهم التبذير، وهو منطق يتعارض مع منطق العقل، إن كان ذنبا فأنا التلميذ الفتى لم أقع فيه وحدي ، ولكن وقع فيه أيضا الأستاذ الشيخ!
وإلا فليقل لي أستاذنا وشيخنا طه حسين: ماذا جمع من المال؟ وماذا اقتنى غير البيت الذي يسكنه الآن، وكان إلى سنوات قليلة مضت يستأجر السكن وينفق عرق جبينه على الديون!
ماذا جمع طه حسين؟ ماذا جمع الرجل الذي ملأ الدنيا، وشغل العالم، وربح مئات الألوف من الجنيهات؟
وليسمح الدكتور طه أن أستعير أسلوبه في جنة الشوك، وأختم به كلمتي على هذا النحو:
قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ: أليست هذه حقيقة، حقيقة تؤلمك؟!
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: إنها لا تؤلمني، إنها تشرفني!
الشاعر الثائر عبد الحميد الديب
مات الشاعر عبد الحميد الديب، فمن هو عبد الحميد الديب؟
كانت حياة عبد الحميد الديب ثورة على الحياة، وكان لهذه الثورة الفردية كل ما للثورات الجماعية من خصائص ومقومات.
أحس عبد الحميد الديب أنه مظلوم، فقد كان شاعرا، فنانا، مرهف الحس، ومع ذلك لم يستطع أن ينال حظه من العمل، كان يظل ليله ونهاره يبحث عن لقمة العيش، فإذا عثر عليها لم يجدها في وظيفة، أو صحيفة، أو مصنع يقدمها إليه لا تكريما لشعره، ولا إعجابا بمواهبه، ولكن شفقة على ما يعانيه من فقر وفاقة.
Halaman tidak diketahui