Pemimpin Reformasi di Zaman Moden
زعماء الإصلاح في العصر الحديث
Genre-genre
ولقد رأى «الكواكبي» أن الإسلام في جوهره الأصيل لا ينطبق عليه هذا القول، فهو مبني على قواعد الحرية السياسية متوسطة بين الديمقراطية والأرستقراطية، فهو مؤسس على أصول ديمقراطية (أي المراعاة التامة للمصلحة العامة)، وعلى شورى أرستقراطية، أي شورى الخواص، وهم أهل الحل والعقد، فالقرآن مملوء بتعاليم تقضي بأمانة الاستبداد، والتمسك بالعدل، والخضوع لنظام الشورى، من مثل: «وشاورهم في الأمر، وأمرهم شورى بينهم» حتى في القصص، من مثل: «ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون». ومظهر هذا كان في أيام النبي
صلى الله عليه وسلم
والخلفاء الراشدين. ثم لا يعرف الإسلام سلطة دينية، ولا اعترافا، ولا بيع غفران، ولا منزلة خاصة لرجال الدين. ولكن دخل عليه من الفساد ما دخل على كل دين، فتفرقت كلمة المسلمين وانقسموا شيعا، وتحول الحكم من نظام شورى إلى الاستبداد، فصغرت نفوس الناس وخفت صوتهم، وأضاعوا مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو المبدأ الذي به يراقب أولو الأمر في الأمة، فصار أمر المسلمين إلى ما نرى.
ولم يتعرض «المؤلف» للرد على الشطر الأول، وهو ما يوحيه تصوير الله بالقوة والعظمة والسيطرة من خضوع النفوس للمستبد. وعندي أن الإسلام يجعل «لا إله إلا الله» محور الدين، تتكرر في كل آذان وفي كل مناسبة، كان كفيلا أن يذكر النفوس دائما بأن العزة لله وحده، وأن النفوس لا يصح أن تذل لأحد سواه، وأن هذه الكلمة توحي بالضعف أمام الله والقوة أمام من سواه. ولكن بتوالي القرون؛ ودخول الدخيل من العقائد، أصبحت «لا إله إلا الله» عند أكثر المسلمين كلمة جوفاء لا روح فيها، تبعث الضعف ولا تبعث القوة، وتبيح أن يشرك مع الله الحاكم المستبد والرئيس المستبد، بل المال والجاه والمنصب، فكل هذه وأمثالها أصبحت آلهة مع الله، وفقد المدلول الحق للا إله إلا الله!!
ثم أبان أن الحاكم المستبد يخشى العلم، لأن العلم نور، وهو يريد أن تعيش الرعية في الظلام، لأن الجهل يمكنه من بسط سلطانه، (وروي أن حاكما مستبدا شرقيا كان له مرب سويسري فقال له يوما بعد أن تأمر:
3 «ليتك تعني بتربية الشعب وتعليمه!» فقال الأ مير: «كلا! إني إن علمته صعب علي حكمه»!).
والحاكم المستبد لا يخشى علوم اللغة والأدب، ولا علوم الدين المتعلقة بالمعاد،
4
بل هو يستخدم العلماء من هذا القبيل لتأييده في استبداده، بسد أفواههم بلقيمات من فتات مائدته، إنما ترتعد فرائصه من الفلسفة العقلية، ودراسة حقوق الأمم، وعلوم السياسة والاجتماع، والتاريخ المفصل، والقدرة على الخطابة الأدبية، ونحو ذلك من العلوم التي تنير الدنيا وتثير النفوس على الظالم، وتعرف الإنسان ما هو الإنسان، وما هي حقوقه، وكيف يطلبها، وكيف ينالها، وكيف يحفظها، فإن المستبد سارق، والعلماء من هذا القبيل يكشفون السرقة.
ولذلك يكون الحاكم المستبد وهؤلاء العلماء في صراع دائم، العلماء يحاولون الإنارة، والمستبد يحاول إطفاءها، وكلاهما يحاول كسب عامة الشعب، فالمستبد يخفيهم ليستسلموا، وهؤلاء العلماء ينيرونهم ليقولوا ويفعلوا.
Halaman tidak diketahui