Pemimpin Reformasi di Zaman Moden
زعماء الإصلاح في العصر الحديث
Genre-genre
من الناس، فمثله مثل المصارعين أمام «الزفة» ولا يرضى لنفسه هذا الموقف إلا وضيع النفس ساقط الهمة.
والحق أن وضع المسألة هذا الوضع فيه كثير من التزمت
8
والتعنت، كالذي تعرض على مسامعه الفكاهة الحلوة فينتقد فيها خطأ نحويا أو لفظا لغويا، وكمن ينتقد الشيخ الوقور على ما كان منه أيام الصبا، والغني الواسع الثراء على ما كان منه أيام البؤس والشقاء، فالمسألة لم تعد أن تكون طرفة لطيفة، وفكاهة ظريفة، وقوانين الظرف تبيح من البحبحة في مجالسه ما لا تبيحه مجالس الجد والوقار.
أخيرا عاد إلى مسقط رأسه بالإسكندرية سنة 1879م في نحو الخامسة والثلاثين، وهو أكثر خبرة بالدنيا فيما لقي من عظماء ووجهاء وأدباء، وفيما رأى وسمع وعمل في القصر العالي أيام كان موظفا في تلغرافه، في التجارة أيام تاجر وأفلس، وبأخلاق الفلاحين أيام كان يعلم أولاد أحد «عمدهم»، ولكنه دخلها كما خرج منها صفر
9 (اليدين).
عاد فرأى في الإسكندرية منظرا جديدا لم يكن أيام كان بها كانت المجالس الأدبية يوم فارقها تتحدث في غزل أبي نواس، ووصف البحتري، وهجاء ابن الرومي، ومديح الشعراء في إسماعيل، وفكاهات الشيخ الليثي، فإذا انتقلوا من ذلك فإلى من عارض شعر هؤلاء من المحدثين، وما أنشأه الناشئون من سمار المجلس في مثل هذه الأغراض، ولما عاد إليها وجد المجالس تتحدث في حالة البلاد ووقوعها في أسر الدين، وفي الدول وتدخلها، ورأى جمعية سرية تسمى «مصر الفتاة» يجتمع أعضاؤها فينتقدون هذا كله في صراحة وحماسة ، والأدب يتحول فيأخذ شكل الكلام في الأمة ومصالحها، وآلامها، ويحتل ذلك مكان غزل أبي نواس، وشعر صريع الغوني، والنفوس بفضل تعاليم «جمال الدين الأفغاني»، وصحبة ثائرة تتطلع إلى نوع من الأدب غير الذي كان، وتجد غذاءها في الصحف السياسية والمقالات النقدية، فيشتغل في الصحافة من هذا النوع «أديب إسحاق» و«سليم نقاش» في جريدتهما «مصر» و«التجارة»، ويمدهما جمال الدين وتلاميذه بمقالاتهم وإرشاداتهم.
فأعد عبد الله نديم نفسه للأدب الجديد والمطلب الجديد، وانغمس في هذا التيار، وحول قلمه في هذا الاتجاه، يمد هذه الصحف بمقالاته في مثل هذه الموضوعات؛ فلقي من النجاح ما لفت إليه الأنظار، وكان له فضل كبير في إدراك أن الكتابة في الموضوعات السياسية إنما يتناسبها أسلوب متدفق سريع مرسل لا يقيده السجع إلا قليلا، لينسجم وحركات النفس المتحمسة الثائرة.
وفكر مع بعض أصحابه من أعضاء جمعية «مصر الفتاة» أن يحولوها من جمعية سرية إلى جمعية علنية، تعمل جهارا في الأعمال المشروعة، وجد هو وصحبه يجمعون المال لها من أعيان الإسكندرية، وسموها الجمعية الخيرية الإسلامية (وهي غير الجمعية القائمة الآن بهذا الاسم). وكان من أهم أغراضها إنشاء مدرسة تعلم الناشئة على نمط غير النمط الجاف الذي تسير عليه مدارس الحكومة إذ ذاك، فيضيفون إلى تعليم مبادئ العلوم بث روح الوطنية والشعور القومي في الأمة، وقد كان هذا غرضا جديدا دعا إليه الشعور القومي الذي كان في طور التكون.
وتم ذلك كله فجمع المال، وأنشئت المدرسة وجعل عبد الله نديم مديرها، وافتتحها بخطبة رن صداها في الثغر، وكان ذلك في أواخر أيام إسماعيل، وأقبل عليها كثير من أبناء الفقراء والأيتام، ووضع لها برنامج يحقق الغرض، وتكفل هو بتعليم الإنشاء فيها والأدب، وأخذ يمرن الطلبة على الخطابة والتمثيل، وعلى الجملة نفخ فيها من روحه، ولعلها أول جمعية مصرية إسلامية في مصر أسست لمثل هذا الغرض.
Halaman tidak diketahui