Pemimpin Reformasi di Zaman Moden
زعماء الإصلاح في العصر الحديث
Genre-genre
5
فكثير منها إما دكان أو «حاصل» أو في حجرة مظلمة بجانب مراحيض المسجد، والتلامذة يختلط صحيحهم بمريضهم، وقد يكون المرض معديا، فأقرع وأبرص وأجرب ومحموم ينشرون العدوى في الأصحاء. يجلسون على حصير بال ويشربون بكوز واحد من زير واحد ويأكلون في الظهر من صحن واحد، وفقيه الكتاب كثيرا ما يكون أعمى لا يحسن أن يرعى التلاميذ، ولا أن يدير شئونهم، وكل كفايته أن يحفظ القرآن ويحفظه من غير فهم، لا علم له بالدنيا ولا بالدين، ووسائل التأديب عنده ليست إلا السب والضرب.
بدأ علي مبارك - وقد عهد إليه في إدارة التعليم في عهد الخديوي إسماعيل - يصلح هذه الحال ويدخلها تحت الإشراف الحكومي، بعد أن كانت الحكومة لا تعني إلا بالمدارس الحربية، وما يعد لها. فقبض بيديه عليها، وأرسل من يحصي كل كتاتيب القطر ويصف حالة كل كتاب من صلاحية بنائه وعدم صلاحيته وعدد تلاميذه وحالة فقيهه وتبعيته لأوقاف أولا ونحو ذلك، وقسمها بحسب ذلك إلى ثلاث درجات: جيدة ومتوسطة ورديئة، ووضع لها «لائحة» تسمى «لائحة رجب» - وهو تاريخ صدورها - تعد بحق خطوة خطيرة في تاريخ التعليم في مصر، عالج فيها كل المشاكل التي صادفته من مراعاة الأمور الصحية وتدبير المال اللازم ورفع مستوى الفقهاء - وقد سماهم «المؤدبين» - وبرامج التعليم ووسائل تشجيعه وإشراف الأهالي والمديريات في حمل بعض الأعباء المالية والتعليمية وتحويل بعض الكتاتيب الكبيرة الصالحة إلى مدارس ابتدائية، ووجه في تنفيذ ذلك كل قواه، وكثيرا ما كان يعهد إليه - إلى إدارة المدارس - في إدارة الأشغال وإدارة الأوقاف، فيكون ناظر هذه جميعها (وزيرها) فيسخر الأشغال لإصلاح مباني المدارس والكتاتيب، ويصرف من مال الأوقاف على التعليم، حتى انتقل التعليم به نقلة جديدة.
نعم ليس كل الفصل في ذلك له وحده، فقد كانت البلاد تتوقف إلى إصلاح التعليم، وقد طالب به مجلس الشورى، وكان هذا الإصلاح يتفق وما رسم الخديوي إسماعيل من رغبة في تمدين البلاد، ولكن كان فضل علي مبارك أن يأخذه الفكرة الخيالية، فيحولها إلى حقائق واقعية، ويدرسها دراسة علمية، ويضع خططها وتصميمها كما تعود ذلك في التصميم الهندسي، ويبرزها على الوجود ويرعاها بعنايته.
إلى جانب الكتاتيب وفتحها وتنظيمها والمدارس وإنشائها شغلته مسألة المعلمين كيف يصلحهم، فقد كان يقوم بتدريس اللغة العربية في المدارس رجال من الأزهر، والتعليم في الأزهر إذ ذاك على أسلوبه في القرون الوسطى، يعلم الكتب ولا يعلم العلم وغاية النابغ منهم أن يحسن فهم عبارة الكتاب لا فهم موضوع الكتاب، وهذا يؤدي إلى أنه لا يحسن تطبيق ما تعلم، فأكثرهم لا يحسن قراءة صفحة ولا أن يكتب موضوعا، ولا أن يقيم وزنا لبيت من شعر، كما وصفهم بذلك عبد الله باشا فكري في مقال كتبه، فكيف يصلحون بعد لتعليم الناشئة؟
إذا ذاك فكر على مبارك في إنشاء مدرسة يؤخذ لها من خيرة طلبة الأزهر بامتحان، ويختار لها خيرة العلماء من الأزهر وغيره، ويعلم طلبتها العلوم الدينية واللغوية وشيئا من علوم الدنيا كالرياضة والجغرافيا والتاريخ والطبيعية والكيمياء، فكان من ذلك كله مدرسة دار العلوم. أما معلمو المواد الأخرى كالهندسة والحساب واللغات، فقد رأى أن يأخذهم ممن أتموا دروسهم في المدارس العالية كالمهندسخانة ومدرسة المحاسبة والإدارة بعد أن يقضوا مدة معيدين لأساتذتهم.
وفكر في الثقافة العامة بجانب التعليم في المدارس، فكان له من ذلك ثلاثة أشياء: (1)
قاعة للمحاضرات يحضرها من شاء، يحاضر فيها كبار الأساتذة من مصريين وأجانب، فيحاضر مثلا الشيخ حسين المرصفي في الأدب وإسماعيل بك الفلكي في الفلك والشيخ عبد الرحمن البحراوي في الفقه، ومسيو بروكش في التاريخ العام وأحمد ندا في النبات، فإذا حاضر محاضر باللغة الأجنبية ألقيت محاضرته بعد ذلك باللغة العربية، وهذه المحاضرات يومية ما عدا أيام الجمع، وكل محاضرة ساعة ونصف ساعة، وبعض الموضوعات محاضرتان كل أسبوع وبعضها محاضرة واحدة. (2)
إنشاء مجلة سميت «روضة المدارس المصرية» رأس تحرير الشيخ رفاعة الطهطاوي، وذكر في أول عدد منها أن مدير المدارس وهو علي باشا مبارك «جعلها ملحوظة بنظر نظارته لا يندرج فيها شيء إلا بإشارته» وطلب من الأساتذة أن يمدوها بالمقالات، وكان ينشر فيها بعض ما يلقى في قاعة المحاضرات وكان في العدد الأول منها مقال لعلي مبارك موضوعه «إنشاء دار الكتب الخديوية». (3)
إنشاء دار الكتب، وقد كانت الكتب قبل ذلك متفرقة في المساجد أو الأماكن المهجورة عرضة للسرقة أو التلف، فجمعها في مكان واحد ورتبها وسهل الاستفادة منها وجعل لها قاعة مطالعة.
Halaman tidak diketahui