وما وقع في الحديث : «ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ، ومحيت عنه بها خطيئة» يحتمل ما تجاوز الشوكة في الألم كالخرور (1)، وما زاد عليها في القلة كنخبة النملة.
ثم يفصل ما أجمل ، ويؤكده بما صدر بحرف التفصيل ، ويقول : ( فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم ) فلما كان «أما» التفصيلية يتضمن معنى الشرط يجاب بالفاء. وفائدته في الكلام أن يعطيه فضل توكيد ، ولهذا قال سيبويه : أما زيد فذاهب ، معناه : مهما يكن من شيء فزيد ذاهب ، أي : هو ذاهب لا محالة ، وأنه منه عزيمة جازمة. وكان الأصل دخول الفاء على الجملة ، لأنها الجزاء ، لكن كرهوا إيلاءها حرف الشرط ، فأدخلوها على الخبر ، وعوضوا المبتدأ عن الشرط لفظا.
وفي تصدير الجملتين بها إحماد لأمر المؤمنين ، واعتداد بعلمهم ، وذم بليغ للكافرين على قولهم. والضمير في «أنه» للمثل أو ل «أن يضرب». و «الحق» : الثابت الذي لا يسوغ إنكاره ، يعم الأعيان الثابتة ، والأفعال الصائبة ، والأقوال الصادقة ، من قولهم : حق الأمر إذا ثبت.
( وأما الذين كفروا فيقولون ) على سبيل الإنكار والاستحقار : ( ما ذا أراد الله بهذا مثلا ). كان الحري أن يقال : وأما الذين كفروا فلا يعلمون ، ليطابق قرينه ويقابل قسيمه ، لكن لما كان قولهم هذا دليلا واضحا على كمال جهلهم عدل إليه على سبيل الكناية ، ليكون كالبرهان عليه.
و «ما» يحتمل أن تكون استفهامية ، و «ذا» اسما موصولا بمعنى «الذي» وما بعده صلته ، والمجموع خبر «ما» فيكون كلمتين. وأن تكون «ذا» مركبة مع «ما»
Halaman 101