343

النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ) (1). وكان المسلمون يشربونها ، وهي لهم حلال. ثم إن عمر ومعاذا ونفرا من الصحابة قالوا : يا رسول الله أفتنا في الخمر ، فإنها مذهبة للعقل ، فنزلت : ( فيهما إثم كبير ومنافع للناس )، فشربها قوم وتركها آخرون. ثم دعا عبد الرحمن بن عوف ناسا منهم ، فشربوا وسكروا ، فأم بعضهم ، فقرأ صلى الله عليه وآلهوسلم قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون بحذف كلمة «لا» فنزلت : ( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) (2)، فقل من يشربها. ثم دعا عتبان بن مالك قوما فيهم سعد بن أبي وقاص ، فلما شربوا وسكروا افتخروا وتناشدوا حتى أنشد سعد شعرا فيه هجاء الأنصار ، فضربه أنصاري بلحي (3) بعير ، فشجه موضحة ، فشكا إلى رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم ، فقال عمر : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس ) إلى قوله : ( فهل أنتم منتهون ) (4)، فقال عمر : انتهينا يا رب.

ولما كان سؤالهم عن حكم الخمر والميسر والتصرف فيهما لا عن حقيقتهما ، فمعنى الآية : ويسألونك عن تعاطي الخمر والميسر ( قل فيهما ) في تعاطيهما ( إثم كبير ) حيث إنه يؤدي إلى الإعراض عن المأمور به وارتكاب المحظور ( ومنافع للناس ) من الطرب وكسب المال والالتذاذ ومصادقة الفتيان ، وفي الخمر خصوصا تشجيع الجبان وتوفير المروءة وتقوية الطبيعة ( وإثمهما أكبر من نفعهما ) أي : المفاسد التي تنشأ منهما أعظم من المنافع المتوقعة منهما ، ولهذا قيل : إن هذه الآية محرمة للخمر ، فإن المفسدة إذا ترجحت على المصلحة اقتضت تحريم الفعل. وأما

Halaman 348