فرقة آمنوا بالتوراة ، وقاموا بحقوقها ، كمؤمني أهل الكتاب. وهم الأقلون المدلول عليهم بقوله : ( بل أكثرهم لا يؤمنون ).
وفرقة جاهروا بنبذ عهود التوراة ، وتخطي حدودها تمردا وفسوقا. وهم المعنيون بقوله : ( نبذه فريق منهم ).
وفرقة لم يجاهروا بنبذها ، ولكن نبذوا لجهلهم بها. وهم الأكثرون.
وفرقة تمسكوا بها ظاهرا ، ونبذوها حقيقة ، عالمين بالحال بغيا وعنادا. وهم المتجاهلون.
( واتبعوا ما تتلوا الشياطين ) عطف على «نبذ» أي : هذا الفريق المذكور من اليهود نبذوا كتاب الله ، واتبعوا كتب السحر التي تقرؤها أو تتبعها الشياطين من الجن أو الإنس أو منهما ( على ملك سليمان ) أي : على عهد ملكه ، أو في زمان ملكه ، على أن يكون «على» بمعنى «في» و «تتلوا» حكاية حال ماضية.
قيل : يسترقون السمع ، ويضمون إلى ما سمعوا أكاذيب ويلقونها إلى الكهنة ، وهم يدونونها ويعلمون الناس. وفشا ذلك في عهد سليمان حتى قيل : إن الجن يعلمون الغيب ، وإن هذا علم سليمان ، وملك سليمان ، تم بهذا العلم ، وإنه تسخر به الإنس والجن والريح له.
وعن السدي أن سليمان عليه السلام كان قد جمع كتب السحرة ووضعها في خزانته ، قيل : كتمها تحت كرسيه لئلا يطلع عليها الناس ولا يعلموا بها ، فلما مات سليمان عليه السلام استخرجت السحرة تلك الكتب وقالوا : إنما تم ملك سليمان بالسحر ، وبه سخر الإنس والجن والطير ، وزينوا السحر في أعين الناس بالنسبة إلى سليمان ، وشاع ذلك في اليهود ، وقبلوه لعداوتهم لسليمان.
( وما كفر سليمان ) هذا تكذيب للشياطين ، ودفع لما افتروا عليه من العمل بالسحر. عبر عن السحر بالكفر ليدل على أنه كفر ، وأن من كان نبيا كان معصوما
Halaman 201