193

حيث كانوا هم المهتدين به ، العاملين بما فيه ، وإن كان هدى لغيرهم أيضا.

والظاهر أن جواب الشرط ( فإنه نزله ). والمعنى : فمن عادى منهم جبريل فقد خلع ربقة الإنصاف ، أو كفر بما معه من الكتاب بمعاداته إياه ، فإنه نزل كتابا مصدقا لما بين يديه من الكتب ، فيكون مصدقا لكتابهم ، فلو أنصفوا لأحبوه وشكروا له صنيعه في إنزاله ما يصحح الكتاب المنزل عليهم ، فحذف الجواب وأقيم علته مقامه ، أو : من عاداه فالسبب في عداوته أنه نزل عليك.

وقيل : محذوف ، مثل : فليمت غيظا ، أو فهو عدو لي وأنا عدوه ، كما قال : ( من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين ) أراد بعداوة الله مخالفته عنادا ، أو معاداة المقربين من عباده ، وصدر الكلام بذكره تعالى تفخيما لشأنهم ، كقوله : ( والله ورسوله أحق أن يرضوه ) (1).

وأفرد الملكان بالذكر لمزية فضلهما ، كأنهما من جنس آخر ، وهو (2) مما ذكر أن التغاير في الوصف ينزل منزلة التغاير في الذات. والتنبيه على أن معاداة الواحد والكل سواء في الكفر واستجلاب العداوة من الله تعالى ، وأن من عادى أحدهم فكأنه عادى الجميع ، إذ الموجب لمحبتهم وعداوتهم على الحقيقة واحد. ولأن المحاجة كانت فيهما.

ولم يقل : «فإنه» لئلا يتوهم أنه يرجع إلى جبرئيل أو ميكائيل. ووضع الظاهر وهو «للكافرين» موضع المضمر أعني : لهم للدلالة على أنه تعالى عاداهم لكفرهم ، وأن عداوة الملائكة والرسل كفر.

وقرأ نافع : ميكائل كميكاعل ، وأبو عمرو ويعقوب وعاصم : ميكال كميعاد.

Halaman 198