189

مظاهر ضحك يوم الطف ، فقيل له في ذلك ، فقال : أي موضع أحق بالسرور من هذا الموضع؟ والله ما هو إلا أن يقبل علينا هذا القوم بسيوفهم فنعانق الحور العين.

وقال حذيفة رضى الله عنه حين احتضر : جاء حبيب على فاقة ، لا أفلح من ندم ، أي : على التمني ، سيما إذا علم أن الدار الآخرة سالمة لا يشاركه فيها غيره.

( ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم ) من موجبات النار ، كالكفر بمحمد صلى الله عليه وآلهوسلم والقرآن ، وتحريف التوراة. ولما كانت اليد العاملة مختصة بالإنسان آلة لقدرته ، بها عامة صنائعه ، ومنها أكثر منافعه ، عبر بها عن النفس تارة والقدرة أخرى. وهذا من المعجزات ، لأنه إخبار بالغيب ، وكان كما أخبر ، لأنهم لو تمنوا لنقل واشتهر ، فإن التمني ليس من عمل القلب ليخفي ، بل هو أن يقول : ليت لي كذا ، ولكان ناقلوه من أهل الكتاب وغيرهم من أولي المطاعن في الإسلام أكثر من الذر ، وليس أحد منهم نقل ذلك.

وروي الكلبي عن ابن عباس أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم يقول لهم : إن كنتم صادقين في مقالتكم فقولوا : اللهم أمتنا ، فو الذي نفسي بيده لا يقولها رجل إلا غص (1) بريقه فمات مكانه. وبرواية أخرى عن النبي صلى الله عليه وآلهوسلم : لو تمنوا الموت لغص كل إنسان بريقه فمات مكانه ، وما بقي يهودي على وجه الأرض.

( والله عليم بالظالمين ) تهديد لهم ، وتنبيه على أنهم ظالمون في دعوى ما ليس لهم من دخول الجنة ونفيه عمن هو لهم.

ثم أخبر عن حرصهم على الحياة بقوله : ( ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ) من «وجد» بعقله الجاري مجرى «علم» ، كقولهم : وجدت زيدا ذا

Halaman 194