قلبه والإقرار بلسانه ، فلم تحط الخطيئة به.
وتحقيق ذلك : أن من أذنب ذنبا ولم يقلع عنه استجره إلى معاودة مثله ، والانهماك فيه ، وارتكاب ما هو أكبر منه ، حتى تستولي عليه الذنوب ، وتأخذ بمجامع قلبه ، فيصير بطبعه مائلا إلى المعاصي ، مستحسنا إياها ، معتقدا أن لا لذة سواها ، مبغضا لمن يمنعه عنها ، مكذبا لمن ينصحه فيها ، كما قال تعالى : ( ثم كان عاقبة الذين أساؤا السواى أن كذبوا بآيات الله ) (1)، ولهذا فسر السلف الخطيئة هنا بالكفر.
وقرأ نافع : خطيئاته بصيغة الجمع ، ليكون تصريحا بمعنى الإحاطة. ( فأولئك أصحاب النار ) ملازموها في الآخرة ، كما أنهم ملازمون أسبابها في الدنيا ( هم فيها خالدون ) دائمون أبدا. ومن فسرها بالكبيرة التي هي ما دون الشرك من غير المعتزلة ، فسر الخلود بالمكث الطويل.
ولما جرت عادة الله سبحانه وتعالى على أن يشفع وعيده بوعده ، لترجى رحمته ، ويخشى عذابه ، قال بعد ذكر الوعيد : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات ) عطف العمل الصالح على الإيمان يدل على خروجه عن مسماه ، كما هو مذهبنا ، إذ العطف يقتضي المغايرة ( أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ).
( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون (83))
Halaman 178