والأمر والنهي والوعد والوعيد ، ولأدى إلى بطلان الرسل والكتب.
ثم قال مخاطبا لليهود : ( وآمنوا بما أنزلت ) على محمد صلى الله عليه وآلهوسلم من القرآن ( مصدقا ) حال كونه موافقا ( لما معكم ) إفراد الإيمان بالأمر به والحث عليه لأنه المقصود والعمدة للوفاء بالعهود.
وتقييد المنزل بأنه مصدق لما معهم من الكتب الإلهية من حيث إنه نازل حسبما نعت فيها ، أو مطابق لها في القصص والمواعيد ، والدعاء إلى التوحيد ، والأمر بالعبادة والعدل بين الناس ، والنهي عن المعاصي والفواحش. وفيما (1) يخالفها من جزئيات الأحكام بسبب تفاوت الأعصار في المصالح ، من حيث إن كل واحدة منها حق بالإضافة إلى زمانها ، مراعى فيها صلاح من خوطب بها ، حتى لو نزل المتقدم في أيام المتأخر لنزل على وفق المتأخر ، ولذلك قال عليه السلام : «لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي» تنبيه (2) على أن اتباعها لا ينافي الإيمان به ، بل يوجبه ، ولذلك عرض بقوله : ( ولا تكونوا أول كافر به ) أي : الواجب عليكم أن تكونوا أول من آمن به ، لأنكم من أهل النظر في معجزاته والعلم بشأنه ، ومستفتحون به على الكفرة ، ومبشرون بزمانه.
و «أول كافر» خبر عن ضمير الجمع ، بتقدير : أول فريق أو فوج ، أو بتأويل : لا يكن كل واحد منكم أول كافر به ، كما يقال : كسانا الأمير حلة ، أي : كسا كل واحد منا حلة.
ولما كان المراد منه التعريض بأنه كان يجب أن يكون اليهود أول من يؤمن به لمعرفتهم به وبصفته ، وتبشيرهم الناس به ، واستفتاحهم به على الذين كفروا ، وكانوا
Halaman 136