أما الأولى ، فهو أن مواد الأبدان قابلة للجمع والحياة. وأشار إلى البرهان عليها بقوله : ( وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ) (1)، فإن تعاقب الافتراق والاجتماع والموت والحياة عليها يدل على أنها قابلة لها بذاتها ، وما بالذات يأبى أن يزول ويتغير.
وأما الثانية والثالثة ، فإنه عالم بها وبمواقعها ، قادر على جمعها وإحيائها. وأشار إلى وجه إثباتهما بأنه تعالى قادر على إبدائها وإبداء ما هو أعظم خلقا وأعجب صنعا ، فكان أقدر على إعادتهم وإحيائهم ، وأنه تعالى خلق ما خلق خلقا مستويا محكما من غير تفاوت واختلال مراعى فيه مصالحهم وسد حاجاتهم ، وذلك دليل على تناهي علمه ، وكمال حكمته ، جلت قدرته ، ودقت حكمته.
وفي هذه الآية أيضا دلالة على أن صانع السماء والأرض قادر عالم ، وأنه تعالى إنما يفعل الفعل لغرض ، وأن له على الكفار نعما يجب شكره عليهم بها.
( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون (30))
ثم عدد نعمة ثالثة تعم الناس كلهم ، وهو خلق آدم وإكرامه وتفضيله على سكان ملكوته بأمرهم بالسجود ، فقال : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) «إذ» ظرف وضع لزمان نسبة ماضية وقع فيه اخرى ، كما وضع إذا لزمان نسبة مستقبلة تقع فيه اخرى ، ولذلك تجب إضافتهما إلى الجمل ، ك «حيث» في المكان. وبنيتا تشبيها بالموصولات. واستعملتا للتعليل والمجازاة. ومحلهما النصب
Halaman 111