Zubdat Kashf
Zubdat Kashf al-Mamalik fi
Genre-genre
الباب التاسع في وصف كشاف التراب وعمارة الجسور والحفير والجرافة وما تحتاج إليه البلاد عند فيض النيل وهبوطه ووصف الكشاف والولاة وأرباب الوظائف بأقاليم الديار المصرية.
أما كشاف التراب فيتعينون في كل سنة مرة من الأمراء مقدمى الألوف إلى كل إقليم أمير فى زمان الربيع لاستخراج ما يتعين على البلاد من الحفير والجرافة أما الخفير فإنه تقدم أنه يتعلق بالدوله يصرف بأماكن معلومة يحفرها لجريان المياه والجراريف ، هى التى يجرف بها التراب لإقامة الجسور السلطانية تستخرج من جميع البلاد مبلع ورجالة بسبب ذلك . وأما ما تحتاج إليه البلاد عند فيض النيل حفظ الجسور لثلا تقطعها المياه فتصير البلاد بائرة ، وتنبتها باللبش ، وعدم الغفلة عنها إلى أن تستوفى البلاد خذها ، متى هبظ النيل تحتاج البلاد إلى تصرف ما عليها من المياه لأجل الزرع وأما الجسور البلدية فهى لازمة لأصحاب العرش ، ليس لكشاف التراب عليها حجر وأوصافها كثيرة اختصرتها خوف الإطالة وأما الكشاف كانوا قديما ثلاثة كاشف الوجه القبلي ، وله الولاء من الجيزة إلى الجنادل ، ويولى من تحت أمره سبع ولاءة بأقاليم الوجه القبل ، وكاشف بالوجه البحرى يولى من تحت أمره سبع ولاءة بأقاليم الوجه البحرى ، وهما من مقدمي الألوف بالديار المصرية ، وكاشف بالجيزة تارة يكون من المقدمين وتارة يكون من الطبلخانات ، والأن ربما يكون بالوجه القبلي ثلاثة كشاف أحدهم بالقيوم، والأخر بالصعيد الأدنى والأخر بالصعيد الأعلى ، وربما يكون أيضا بالوجه البحرى كاشفان أحدهما بالشرقية والأخر بالغربية ، وكاشف البحيرة على عادته ، وليس ذلك من الطرائق فإنه يصير عدم نفاذ كلمة الكشاف بالأقاليم ، وتضيع حقوق الرعية والأصوب ما كانوا عليه أولا، فإنهم كانوا في غاية الأبهة وربما كان يفرق كل واحد من كشاف الوجه القبلى والبحرى في كل ليلة ألف عليقة .
وأما الولاءة الأن صار البعض مضافأ لأحد الكشاف ، والبقية يتولون من الأستادار ، وأما أرباب الوظائف بأقليم الديار المصرية بكل إقليم مما تقدم ذكره بمدنه وقراه الكبار قضاة، وأستادارية الحمايات والمستاجرات ، وشدون وخوله ومتدرك وخفراء ، وأرباب الإدراك وغير ذلك ، وكان قديم الزمان البلاد جميعها يؤخذ خراجها من كل صنف والأن صار مفصولا تقدم إن المنزلة وفارسكور جاريان بالديوان الشريف، وإن كل واحدة منهما مفصولة على متدركها في كل سنة بستة وثلاثين ألف دينار ، وأما القرى المتعينة فمفصوله أيضا على متدركها بنحو عشرين ألف دينار ، ودون ذلك قرى مفصوله في السنة باثنى عشر ألف دينار، وثم من بلاد الجند ما يعمل كل قيراط ألف دينار بخذمته كشيين القصر وغير ذلك ، وكل متدرك بهذه القرى يعيش أعظم من ملك من ملوك الشرق .
الباب العاشر في وصف الممالك الشريفة الإسلامية وهى تفان على ما يتى تفصيلها على الترتيب ووصف ما بالمدن بالبلاد الشمالية ومن بذلك من الكفال والنواب والسيادة القضاة والأمراء والمباشرين وأرباب الوظائف والجند الأولى المملكة الشامية كافلها له أبهة عظيمة حتى أنه يحاكي السلطان فى الأبهة إذ شرفه مستفاد من شرف السلطان ، وله الحكم والولاء على ما تقدم من المدن المنسوبة إلى دمشق ، ويها أمير كبير وحاجب الحجاب وكان قديما بها اثنى عشر أمير مقدمى الألوف ، وعشرين أميرا من الطبلخانات ، وستين أميرا من العشروات والخمسوات ، وأما السادة القضاة بها أربعة من المذاهب الأربعة لكل منهم نواب بدمشق ومعاملاتها، وأما المباشرون ففيها كاتب سر وناظر جيش ، واستادار العالية وناظر خاص ، ووزير وناظر دوله وغير ذلك ، وأما أرباب الوظائف ففيها كاشفان وعدة ولاة بكل إقليم وولاة المدينة ونقيب جيش ومهمندار، وأرباب الوظائف الدينية ، والديوانية قريبة مما وصفنا من أرباب الوظائف بالديار المصرية ، وبها نائب القلعة المنصورة ، وسبعة حجاب وغير ذلك مما يطول شرحه ، وأما الجند فكانوا قديما اثن عشر ألف جندى من الحلقة وبخدمة كافلها ألفان، وبخدمة الأمراء نصف ما بخدمة الأمراء بالديار المصرية ، والثانية المملكة الكركية هذا على القاعدة القديمة لأنه لا يكتب فى الورق الأحمر إلا كافل الشام وكافل الكرك ، والسبب في ذلك أنه كان سلطان بالديار المصرية حكمه من الجنادل إلى ديار بكر ، وكان له ثلاثة أولاد فلما دنت وفاته عهد إلى أولاده وقرر الملك الكامل وهو ولده الكبير سلطانا بالديار المصرية ، وأطلق حكمه من الجنادل إلى العريش ، وقرر ولده الثاني وهو الملك الأشرف سلطانا بالشام ، وأطلق حكمه من بيسان إلى ديار بكر ، وقرر ولده الثالث وهو الملك الناصر سلطانا بالكرك وأطلق حكمه من العريش إلى بيسان ، وصار كل منهم يكاتب الأخر فى الورق الأحمر ، فلما صارت الشام والكرك نيابات مصر المحروسة سلطنة استمر النائبان يكاتبا فى الورق الأحمر ، وكان بها قديما أمراء وأجناد خلقة والأن فيها حاجبان وقاضيان وكاتب سر وناظر جيش ونقيب جيش ، ومحتسب ومتولى ونائب قلعة ، وأمير عشرينات وبعض أجناد الحلقة وبحرية ، وغلمان سلطانية أصحاب نوب وأمير غربان له أمرة بالكرك ، وكانت نيابة الكرك لا يتولاها إلا أتابك العساكر المنصورة أو من هو نظيره ، ومن جملة من تولى نيابة الكرك الأمير بشتك قديد والأمير بلاط والأمير الطنبغا الجوباني وغير ذلك من أعيان ملوك الديار المصرية ، وحتى أنه كانت نيابة الكرك متحضلها في كل شهر قريب من عشرة ألاف مثقال ذهب، والثالث المملكة الحلبية وهى الأن تلى المملكة الشامية ، وكافلها من أعظم الكفال ، وله الولاء على ما ذكرنا من المدن والقلاع المتقدم ذكرها ، وكان قديما بها نواب ضخام حكى أن الأمير جكم كان بخذمته ألف وخمسمائة مملوكا، وأما السادة القضاة فيها أربعة المذاهب لكل منهم نوات بالمملكة وبمعاملاتها ، وبها أمير كبير وحاجب الحجاب ونائب القلعة المنصورة وثلاثة أمراء مقدمى الألوف وكان بها قديما ستة أمير مقدمى الألوف وبها أمراء طبلخانات عشرة وعشرينات وعشروات وخمسوات عشرون أميرا، وبها كاتب سر وناظر جيش وناظر خاص ووزير وأستادار وناظر دوله ومحتسب ومتولى وكاشف بر، وولاة بالأقاليم وخمسة حجاب وأرباب وظائف دينية ودنياوية ونقيت جيش ومهمندار ومتولى حجر ومقدم بريدية وغير ذلك ، وبخدمة الأمراء بحق الثلثين من أمراء الشام المحروسة ، وأجناد الحلقة كانوا قديما ستة ألاف جندى ، وغير ذلك مما يطول شرحه .
والرابعة المملكة الطرابلسية وكافلها من أعيان الكفال له الولاء على ما يتعلق بها من المدن والقلاع والمعاملات ، وضريبته قديما أن يكون بخذمته ستمائة مملوك ، وله من الطرائق والأبهة ما يطول شرحه ، وأما السادة القضاة فيها أربعة على أربعة المذاهب ، ولكل منهم نواب، وأما الأمراء ففيها حاجب الحجاب من مقدمى الألوف ، وأمير كبير مقدم أيضا وأميران مقدما الألوف ، وعشرة أمراء طبلخانات ، وقريب من ثلاثين أميرأ عشرينات وعشروات ، وخمسوات قريب من الترتيب من أمراء حلب ، وأما المباشرون فيها كاتب سر وناظر جيش ووزير، وأما أرباب الوظائف ففيها أربعة حجاب ، ومحتسب ونقيت جيش ومتولى وشاد البحر ومهمندار وولاة وكشاف ، وأما الجند كان ضريبته قديما ما بين ثلاثة ألاف إلى أربعة ألاف، والخامسة المملكة الحماوية ، وكان كافلها قديما فى النظام قريبا من كافل طرابلس ، وأما الأن فدون ذلك بشىء لا يقاس ، وأما السادة القضاة ففيها أربعة على أربعة المذاهب ولكل منهم نواب، وأما الأمراء ففيها أمير كبير وحاجب الحجاب وأميران، والجميع طبلخانات وبها نيف عن عشرين أميرا عشرينات وعشروات وخمسوات ، وأما المباشرون ففيها كاتب سر وناظر جيش ، وأما أرباب الوظائف فقريب مما ذكر فى طرابلس وكذلك الجند ، والسادسة المملكة السكندرية وكافلها يركب بالشبابة بخلاف جميع الكفال ، وهو من أعيان مقدمى الألوف بالديار المصرية ، وله تراتيب عجيبة فى المواكب وغيرها ، وأما السادة القضاة فيها أربعة ثلاثة على مذهب الإمام مالك ، والأخر حنفى ولكل منهم نواب، وأما المباشرون ففيها ناظر خاص ، وهو أجلهم متكلم على جميع الأموال السلطانية ، وتقدم أنه يقال : كان في الزمان المتقدم ضريبتها كل يوم ألف دينار ، وبها كاتب سر وناظر جيش وعدة مباشرين متكلمين على الجهات ، وبها حاجب الحجاب كان قديما من الطبلخانات وثلاثة حجاب وشاد السلاح وشاد الحمس ومحتسب ومتولى وشاد البحر وحام ، وغير ذلك مما يطول شرح ذكرهم ، وبها أجناد المائتين وعدتهم ثلاثمائة وستون جنديا ، ولهم اثنا عشر مقدما كل ثلاثين جنديا لهم مقذدم ، وأوصافها كثيرة اختصرتها خوف الإطالة والسابعة المملكة الصفدية وكافلها من المعدودين ، وهو فى البرق قريب من كافل حماة وأما السادة القضاة ففيها أربعة على أربعة المذاهب ولكل منهم نواب، وأما الأمراء ففيها أمير كبير وحاجب الحجاب ونائب القلعة وثلاثة طبلخانات ، وقريب من عشرين أميرا عشرينات وعشروات وخمسوات ومباشروها ، وأرباب وظائفها وجندها كانوا قديما قريبا من ضريبة حماة وهو الأن دون ذلك وبها كاشف في غاية الضخامة ، والثامنة المملكة الغزاوية وكافلها يطلق في حقه مقدم العسكر ، وكان بها الأمير الطنبغا العثمانى من الملوك المشهورة وأما السادة القضاة ففيها أربعة على أربعة المذاهب ولكل منهم نواب، وأما الأمراء ففيها أمير كبير وحاجب الحجاب وهما طبلخانات ، بها عشرينات وعشروات وخمسوات ، وطرائقهم فى الإمرة مثل أمراء صفد ، وأما أرباب الوظائف فمملكة على العادة ، وأما أجناد الحلقة فعدتهم ألف جندى وأما بقتة المدن والقلاع المقدم ذكرها في الباب الأول فلكل واحدة منها نائب، وتقدم الكلام على مملكة ملطية وأن فيها اختلافا هل هى مملكة بمفردها أو مدينة بأقليم؟ فلاجل ذلك ذكرنا نائبها مع جملة النواب، ولم نذكره مع جملة الكفال مع أنه كان قديما يتولى نيابة ملطية الملوك الأعيان ، مثل منطاش صاحب الوقعة المشهورة ، ودقماق الذى كان كافل حلب ، وكان بخذمته وهو نائب ملطية جملة مستكثرة ومشتريات ، من جملتهم الملك الأشرف برسباى تغمذه الله برحمته ، وأرسله في جملة تقدمة إلى الملك الظاهر برقوق وليس فى النواب خلا ما ذكرناهم من الكفلاء من هو من جملة مقدمى الألوف إلا نائب ملطية ، وبها ثمانية أمراء طبلخانات ، وبها نيف عن ثلاثين أميرأ عشرينات وعشروات وخمسوات ، وبها أربعة قضاة ثلاثة منهم على مذهب أبى حنيفة ، وواحد على مذهب الشفعي ، وبها حاجب كبير ، وكان قديما يخرج منها ألف جندى ، وبها كاتب سر وناظر جيش وأرباب وظائف على العادة ، وأما بقية نواب المدن والقلاع المقدم ذكرهم فمنهم من هو أمير طبلخاناه ، ومنهم من هم أمير عشرة وثم مدن بها أجناد خلقة وحاجب ، ومدن ليس بها شىء ، ومذن بها قضاة، ومدن بها قاض واحد ، وجميع القلاع بها البحرية ، ومتولى الحجر ونقيب وغلمان وبوابون وحرسية ، وغير ذلك ولو أردنا وصف ما بذلك وجميعه ماكنا اختصرنا الأول الباب الحادي عشر في وصف أمراء العربان ومشايخهم وأمراء التركمان والأكران، ووصف التجاريد والمهمات الشريفة، ونوادر اتفقت في ذلك بالمملكة اليمنية والديرا البكرية والجزائر القبرصية التي فتحت في الأيام الأشرفية أما أمراء العربان وقبائلهم فهى متعددة ، وتتشعب إلى جملة مستكثرة كل طائفة لهم أمير ، ومن تحت أمره جماعة من الأمراء تقدم الكلام على ذلك فى الباب الرابع في ذكر ناظر الجيوش المصورة وكذلك أمراء التركمان وجماعتهم ، والأكراد وجماعتهم فى حكاية أوحببت ذكر ذلك بما يغنى إعادتها بهذا الكتاب ، وأما التجاريد والمهمات الشريفة فالتجاريد تنقسم على نوعين نوع إلى الغزوات ، ونوع إلى المحاربين البغاة سواء كان في ذلك السلطان بنفسه ، أو يعين من يختاره من جيشه فيكونون على يرق واستعداد من الخيالة والرجالة الرماة بحيث أنهم إذا ضاروا إلى العدو المخذول هزموه مع الفروع والاصول ، واتفق في ذلك حكايات يطول شرحها وأما المهمات الشريفة فهى كلما طرت ضرورة لحراسة ثغر من الثغور أو لشىء من الأطراف ، أو حفظ ما يقتضى حفظه ، أو ما يناسب ذلك فتعين جماعة من الأمراء ، والجيش المنصور على أكمل أهبة واستعداد ويكون الطريقة في ذلك دون طريقة التجاريد لأن التجاريد باليرق الكامل والخامل والمدورات ، ويكون أكبرهم مقاما متأخرا عمن هو دونه فى المنزلة، حتى أن مدورة السلطان تنصب أخر الوطاقات ، قيل : إنها تحمل على مائة وعشرين جملا .
وأما النوادر التي اتفقت، فإن الملك الأشرف أرسل الأمير بكتمر السعدى ، وصحبته جيش إلى المملكة اليمنية في أوائل سلطنته ففتحوها ، وصارت تحت الطاعة الشريفة ، وهى مملكة متسعة جدا بعيدة عن الديار المصرية بمسافة شهرين، وأما الديار البكرية فإن الأمير عثمان قرايولوك لما تعذى طوره أرسل إليه أمراء مقدمى الألوف اقتلعوا مدينة الرهاء منه ، ومسكوا ولده هابيل من قلعتها بعد أن أداقوه النكر ، وأحضروه إلى الأبواب الشريفة ، واستمر مسجونا بقلعة الجبل إلى أن توفى ، ثم إن المقام الشريف الملك الأشرف جرد فى سنة ستة وثلاثين وثمانمائة إلى مدينة أمد ، وخاصرها أربعين يوما ولم يرتحل عنها حتى قتل أميرها وهو مراد بن عشمان قرايولوك ، وسال أهلها الأمان ، وأرسل قرايولوك إليه تقدمة وسأله العفو وهو بعيد عن أمد فقبل ذلك وارتحل واستقلع أيضا مدينة خرتبرت ، وهى قلعة منيعة واتفقت نكتة عجيبة ، وهو أن شخصا مبك وأوثى به إلى المخيم الشريف على حصار أمد فانفلت من بين العسكر بكماله وهرب ، ورمى نفسه فى الخندق ، وجلت إلى المدينة ثم بعد مدة يسيرة اتفق لقرايولوك وقعة مع اسكندر بن فرا يوسف ، ملخصها إن اسكندر المذكور قطع رأس قرايولوك وأرسلها إلى الملك الأشرف بالديار المصرية ، وعلقت على باب زويله ، واستقر ولده على بك مكانه ، وأرسل يترامى على مراحم السلطان ، ويسأله حسن النظر فى حاله ، وقرر عليه تقدمة في كل سنة وسال من الصدقات الشريفة بأنه يكون نائبا بديار بكر من جهة السلطان، فأجابه إلى ذلك وقرره بمدينة أمد ، وأرسل إليه تشريفا وتقليدا والكلام في ذلك طويل .
وأما الجزائر القبرصية فإنها من أعجب الجزائر وأعظم مدنها الافقسيه بها تخت الملك كان يتعدى على المسلمين وبغى فأرسل السلطان نهاه عن ذلك ، فتكلم بصفته فأرسل السلطان أربعة أغربة بها جيش ليكشفوا حقيقة الأمر، وما يعتمده ملك قبرص مع المسلمين وكان السلطان أرسل غرابا موسوقا هدايا إلى ابن عشمان ، فأرسل صاحب فبرص غرابين فأخذوه ، فلما توجهت الأغربة الأربعة قال بعضهم ، سيروا إلى الأعداء وأتوا بالخبز جملا بلا شك يكون ولا ضرر لنبيدهم بسيوفنا وجنودنا وتصير المقتول منهم فى سقر فسارت الأغربة الأربعة إلى أن وصلوا إلى رأس اليباق من جزيرة قبرص فوجدوا مركبا موسوقا فهرت من به ، فأخذوا ما فيه وأحرقوه ، ثم وصلوا إلى اللمسون فوجدوا ثلاثة أغربة مجهزة لتسير إلى السواحل وتؤدين، فأخذوا ما فيها وأحرقوها أيضا فظهر أمير اللمسون فكسروه وقتلوه وأخذوا المدينة ونهبوا وأحرقوا فقال في ذلك بعضهم ، دخلنا ديار الكافرين وأرضهم فولوا فرارا من اليم نصالنا وصلنا عليهم صوله الأسد فى الفلا فولت خيول الكل خوف رجالنا ضرينا ديارهم ومات أميرهم وسوف ترى سلطانهم ما نوى لنا تم إنهم وجدوا حصن اللمسون معينا تطول محاصرته ، فعادوا إلى السلطان وصحبتهم الغنائم ، وأعلموه حقيقة الأمر، ثم إن السلطان أمر بعمارة أغربة ، وهى الغزوة الثانية، وشرع فى تحصين البلاد والسواحل ، فقيل في ذلك ، نحن الذى من حزمنا مع عزمنا خصنا البلاد بكل ليت كاسر لا خير فى ذلك يكون مفرطا فى ملكه فلبئس فعل الخاسر نعم المليك الشهم من هو حازم بسداد رأى ذو على وتجاسر وأما ما كان من جانوس صاحب قبرص ، لما بلغه ما حصل على اللمسون أرسل غرابين مشحونين بالرجال، والعدة إلى سواحل مصر والشام ليأخذوا من وجدوه من المسلمين ، فضاروا كلما وصلوا إلى ساحل وجدوا عليه حرسية ، فجاءوا إلى مكان يقال: نهر الكلب لأخذوا منه ماء فأطلقوا مدفعا لينظروا إن كان به أحد فأكمن المسلمون إلى أن طلعت الفرنج البر، ودقوا عليهم ، فمسكوا منهم جماعة وأحضروهم إلى السلطان بعد أن هربت الأغربة ومن بها مجرحين، فقيل في ذلك ، أثونا لشرب الماء لم يجدوا سوى رجال سقوهم سم موت الماقع ولم يقدروا أن يطلعوا لبرورنا وولوا إلى بلدانهم بالفجائع بسلورة قد أفجعوا برجالها أباءهم أهل المتقى والطلائع وقيل أيضا فى المعنى ما بالكم لا تحرشوا يوما بنا نحن الصناديد الذى لا تخدع لا يقدر الخداع يدخل أرضنا منكم ولا يوما إلينا يطلع إن الخديعة شأننا فى حربنا لكن نتركها ولا نتضرع بل بالقوى نأخذكم ونبيذكم وترون منا كل موث يصرع روحوا إلى سلطانكم قولوا له يعطى لمصر الغرم لا يتمنع من قبل أن يأتى أسيرا عندنا ويصير عبدا قوله لا يسمع ثم أن العمارة تكملت ، وهى خمس قراقير وتسع عشرة غرابا وست حمالات برسم الخيول وثلاث عشرة خيطيا ، ونزل من عين من العساكر المنصورة فيها، وكان السير من طرابلس ، وقيل في ذلك ، سيروا على اسم الله ذى الجلال تم ابتغوا طريفة الحلال واجتنبوا جلال كل سوء فإنها قبيحة الخلال وكان بها من الأمراء الأمير جرباش قاشق، والأمير يشبك المشد والأمير مراد خواخة الشعبانن ، وكثير من الخاصكية المطوعين وغير ذلك ، وكان ذلك في رجب سنة ثمان وعشرين وثمانمائة ، واستمروا سائرين إلى أن وصلوا إلى الماغوصة فطلعت الخيالة وقدامهم بعض المشاة وقيل في ذلك ، قصدنا أرض قبرص راكبين جميعا كالملوك متوجين على أعلى الاسرة مثل ما جا عن المختار خير المرسلين .
ويشرنا بنصر الله أبدا لأنا من غزاة الأخرين قصدناهم بجمع ثم عزم على قتل الجميع مصمصمين فأرسل أمير الماغوصه قصاده يقال: إنا مملوك السلطان والمدينة مدينته والرعية رعيته ، ونسال في الأمان ، وعلقوا الراية السلطانية على القلعة وأرسل تقادم لها صورة تم إن العسكر سار وكذلك المراكب ، وإذا بجيش الفرنج أقبل وابن أخى الملك معهم، وصحبته ألف ختال وثلاثة ألاف ماش ، وقد صعد مكانا عاليا ، فلما رأى المسلمين وقع في قلبه الرعب وولى مديرا فلما وصلوا إلى رأس العجوز وجدوا أميرا من الفرنج، ومعه جماعة جاءوا للكشف فمسكوه ، ولما وصلوا إلى الملاحة أقبل إليهم تسعة أغربة وقرقورة بها نيف عن ألفى مقاتل من الفرنج ، وابن أخى الملك الذى هرب منتظر مجىء المراكب المذكورة فلما رأى القلوع وقد حطمت مراكب المسلمين على مراكب الفرنج، فانكسر وهرب ، وأخذوا مركبا من مراكب الفرنج ، فقيل في ذلك ، إن تهربوا منا فشأنكم الهرب إف عليكم يا كلابا للعرب هل لا ثبتم للقتال وضرينا انتم معاذير توفون العطب فاخسوا جميعا أنتم ولعينكم خشى الكلات العاديات من الجرب ثم أن يعض العسكر وجد عين الغزالي ، وكان من خواص صاحب قبرص ومعه زردخاناه وهو قاصد اللمسون فمسكوه ، تم حاصروا اللمسون مخاصرة شديدة إلى أن ملكوه ، وهو أعظم حصون جزيرة قبرص وأسروا من به وقتلوا خلقا لا يحصى وقيل في ذلك ، بغوا وتعذوا ثم ظنوا بحصنهم سيمنعهم من جيشنا المتشرف قباتوا وجاهم جيشنا عند صبحهم فأفناهم قتلا بما هو ليس فى وقيل أيضا فى المعنى سلوا عنا المدائن والحصون ومن يحمى حماة الكافرين يجيبك بأننا أسد ضوارى ليوث فى الحروب مقدمون تبيد حمائهم السيف قهرا ونخرب مدنها ثم الحصون وأخربوا البلدان وأسروا أهلها، وملكوا غنائم كثيرة ثم عادوا ، فقيل في ذلك ، طلينا أرضنا من بعد قتل وأسر فى النصارى الكافرين وتخريب البلاد بكل حرق وهدم دائم للابدين طلعنا أرضهم أسدا ضوارى وجدناهم كلابا ضاعرين قدمناهم بعسكرنا وعدنا إلى مصر بخير أمنين فلما طلعوا إلى قلعة الجبل المنصورة وصحبتهم الغنائم والآسارى كان يوما مشهورا، ثم بلغ السلطان أن ملك قبرص راسل ملوك الفرنج واستنجدهم على المسير إلى ثغر الإسكندرية ودمياط وبيروت وطرابلس وغير ذلك ، فأمر السلطان بعمارة أغربة وحمالات بجميع السواحل ، وابتاع قراقير حتى أنها تجمعت القراقير والحمالات والأغربة والبرصانيات والخياطي والقوارب قريبا من مائة وثمانين قطعة ، وعين من الأمراء الأعيان باشين أحدهما بالبز وهو تغرى بردى المحمودى ، والأخر بالبحر وهو أينال الجمكي ، وعين أمراء وجيشا ضخما فقيل في ذلك ، مماليك كأشد فى الوقائع ملوكهم ليوث فى المعامع بنو ترك فكم تركوا قتيلا شجاعا كان يخشى فى الطلائع شراكسة ليوث الحرب فازوا بنصر الله والظفر والمتابع تجمع فيهم أصلان أثرم بذى الأصلين في الحرب الممانع وكان عسكرا عظيما لا يكاد يقابل لقوته ، ثم ساروا على بركة الله إلى أن وصلوا جزيرة قبرص ، وأتوا إلى الحصن المقدم ذكره ، وحاصروه إلى أن أخذوه ، وأرسلوا بريديا إلى صاحب قبرص يأمروه بالدخول تحت الطاعة الشريفة ، فأبى وأحرق البريد وأخذ فى عرض عساكره ، وهو ثلاثة وعشرون ألف خيال ، وجهز سبعة قراقير وسبعة أغربة ، حتى إذا ظهر عسكر الإسلام للقائه يحطمون على المراكب ويأخذونها ، وقطع وجزم أنه هو الغالب فلما أقبلوا إلى المسلمين لاقاهم المسلمون على الملك استعدادا، فحملوا على المسلمين حملة واحدة ، وكانوا بين غابة وشجر ففى الحال أانكسروا وأنهزموا وولوا مذبرين ، ووقع ملكهم جانوس في القبضة قتل منهم ما لا يحصى عددهم إلا الله ، قيل في ذلك ، نحن الذى تلفى العدى بصدورنا لا ندبر يوما ولا عنا سمع وإذا تكاثرت العدى نسقيهم برماحنا سما بموت منتفع وندعهم طعم الوحوش لذى الفلا والطير والكلب العقور المفتجع فلاجل ذا ألف الوحوش جيوشنا فلحيث ما سرنا تسير وتتبع وقيل في هذا المعنى أيضا قل جاءنا قبرص جانبا منا التقى لما التقينا ما جنا فتفرقت فجموعهم بسيوفنا جمعت نعم أموالهم لجميعنا لا غير فينا غير أن جنودنا أفنوا عساكرهم بإنذار القنا غيره أتانا طاغي الكفار يبغى يصيد حماتنا منه برغم قصدناه بحد السيف قهرا وصيرناه فى ذل وهم وقيدنا بقيد من حديد وعل قد كساه كل عم وكانت هذه الوقعة في يوم الأحد مستهل شهر رمضان سنة تسع وعشرين وثمانمائة وقت الظهر ، وضبط من قتل تلك الوقعة من أهل الجزيرة ما يزيد عن سنة ألاف نفر، ثم أنهم أودعوا جانوس بمراكب المسلمين ، وطلع بعض العسكر على جبل الصليب وأخرجوا الكنيسة ، وأتوا بما بها من الغنائم ، وكذلك بالصليب وهو من ذهب عجيب من العجائب كان يتحرك من غير محرك لما فيه من الصنائع وأنوا بالكيتلاني الذى أتا نجدة لصاحب قبرص ، ثم أن الأمير تغرى بردى المحمودى سار إلى الافقسية ، وهى أعظم مدن جزيرة قبرص وبها تخت الملك فلما أقبل إليها وصحبه فرقة من العسكر ، وإذا بأكابرها وأساقفتها وقسيسها ورهبانها معهم الإنجيل وهم داعون للمسلمين ، وطلبوا الأمان فأمنهم الأمير ، ثم فتحوا المدينة فدخل الأمير والعسكر يوم الجمعة خامس رمضان وصعد الأمير إلى قصر الملك ووجد فيه فرشا ومواعين لا تكاد تحصى وتصاوير عجيبة وصلبان كثيرة ، ووجد يرغل إذا تحرك يخرج منه سائر الانغام المطربة ثم أعلن المسلمون بالتكبير والتهليل والأذان ، ثم عاد الأمير إلى العسكر بعد ما كسبوا غنائم كثيرة ثم إنهم أقلعوا من بلاد الفرنج ووصلوا إلى الديار المصرية وطلعت الغنائم على رؤوس ثلاثة ألاف حمال ، وأحمال محزومة على جمال ، وثلاثة ألاف وستمائة يسير ، وملك قبرص راكب على بغل وأمراؤه ووزراؤه مقلولون قدامه ، وأعلامه منكسة وأهل الديار المصرية يتفرجون عليهم إلى أن وصل ملك قبرص إلى حضرة السلطان الملك الأشرف ، فأنشد يا مالكا ملك الدنا بحسامه انظر إلي برحمة وتعظف وارحم عزيزا دل وأمنن بالذى أعطاك هذا الملك والنصر الوفى إن لم تؤمنى وترحم غربتى فبمن ألود ومن سواكم لي في فالله ينصركم ويخلد ملككم ويديم نصركم ليوم الموقف فأنشد لسان حال السلطان: وإنا إن أردنا ملك ملك عنت منه الكتائب والجنود فيعطي الجزية أو لا فيأتي في السلاسل والقيود ويسالني الكلام فلا يساوى وأودعه المحابس والحديد ثم توجهوا به إلى برج بالقلعة ثم إن السلطان شكر الأمير تغرى بردى على فعاله ، وأنعم عليه غاية الإنعام ، فهناك قيل فيه أبيات كثيرة : من ملخصها، شكر الإله فعال ذى الرأى الوفى تغرى بردى المقر الاشرفى ليث الحروب وغوثها وهمامه وإمامها ومشيرها بالمرهف لما طغا جانوس صاحب قبرص وأتى بجيشه لا يعد بكل فى لاقاهم تغرى بردى نعم ما وسفى الأعادى سم موت متلف لم تصبر الأعداء غير سويعة إلا وأعطوا الظهر منهم والقفي وغدوا هرابا عن جنيس كلبهم ورموه رمية كلب مجفور نفى في الحال جىء به أسيرا موهنا فى عنقه سيرا من اللجم العفى متعوس حافى الرجل مهروق الدما فى ذلة وخسارة وترجف ملك البلاد إمامنا بسيوفه من عير عدر لا ولا يتلطف وسبى الذرارى والنساء ورجلهم وعلا على كرسى اللعين الأغلف الله أكبر يا لدين محمد يا قار تغر اسكندر ثم إن جانوس قرر عليه جزية ، وسأل السلطان فى العفو عنه ، وإنه يقدم ضمان بذلك ، فأجابه السلطان إلى سؤاله ، وأنشد فى المعنى : عفونا ومن شأن الملوك أولى النهي بأن يتركوا الذنب العظيم عن الجانى فلا خير فى شخص يرى العفو بدعة عن المخطىء الجانى وإن كان نصرانى ثم أنه اقترض من الفرنج بالممالك الإسلامية جملة وأقام بها وألبس تشريفا شريفا ، واستقر نائبا عن السلطان بالجزائر القبرصية ، وتوجه إلى ملكه . وهذا الاتفاقية من غرائب الدهر الباب الثانى عشر فى حوادث الدهر التى من أهملها وقع فى الضنك والقهر وما ورد فى ذلك من الحكايات والنوادر ليكون كل ذى لب عليه محافظا وإليه مبادرا وهذا كثير ما يحتاج إليه الخاص والعامة ، وما يفهمه الأنسان سواء كان في يقظة أو منام ليس يخفى عن العلماء وأرباب التواريخ قضة شداد بن عاد صاحب إرم ذات العماد ، وما كان فيه من الملك وما فعله ، وما حصل عليه ، وهذا أمر مشهور لكن نبذة منه ليقف عليها من لا يعرف أمره ، وهو أنه كان ملكا شديد البأس ذا قوة عظيمة ، وجمع كثر وقلاع متعددة ، وملك متسع وأموال عزيزة وذات جميلة ، فبينما هو ذات يوم على سرير ملكه سال بعض جلسائه أتم نعمة أعظم من هذه فقال : أما فى الدنيا فلا ، وأما فى الأخرة فريما فقال : فما وصف الأخرة فقال : الجنة التى يصفها المدعون بالنبوة .
قال : أنا أصنع أحسن منها، فيقال: إن نبن ذلك الزمان دعاه إلى الإسلام ووصف له الجنة ، ويقال: غير ذلك والكلام في هذا المعنى كثر ، والمقصود منه ما فعله وما حدث له ، فأمر بجمع جميع المهندسين وأرباب آلات العمائر بجميع الأقطار، وأمرهم بعمارة جنة يكون وصفها وصف جميع ما فى الجنة ، وجمع جميع ما يحتاج إليه وأقام لها سورا لبنة من ذهب ولبنة من فضة وعمر بها قصورا من الزبرجد والبلور واليشم والعقيق والزمرد ، ورضع القصور بالدرر والجواهر ، وعمل أخشابها الصندل والعود ، وفرش أرضها بالزعفران وجعل طينها مسكا وغرس أشجارا وجعل بها أنهارا من خمر وعسل وماء صاف ولبن، واستعمل لها بسطا عجيبة من عجائب الدنيا من الحرير الإبريسم منقوش عليها تصاوير عجيبة وجعل بها أسرة من قضبان الزبرجد وعملها بصفائح الذهب المكللة بالجواهر ، وفرش الفرش الملون محشوة ريش النعام ، وبسط الملاوات الخز والديباج المزركشة والمقاعد المذهب بالسمور والفاقم والبوشق وما أشبه ذلك ، وجعل الأوانى من الذهب والفضة والعالى منه من الجوهر المجوف ، وأطبق بها من سائر الطيور المفتخرة أصحاب الأصوات الشجية ، وجعل سبعة ألاف بنت بكر كل واحدة أحسن من الاخرى ليس لهن نظير لابسات الأقمشة الفاخرة التي تحير الواصف في وصف بعضها ، لكل واحدة منهن ألف جارية حسناء ، وجعل لهذه أشياء مفردة يتعجب منها السامع وكلما وضع بها شيئا يقول له أرباب دولته : ما يدخل مولانا الملك فينظر هذه الأوصاف العجيبة ، فيقول ما أدخلها حتى تكمل ولا يبقى لها عاقة وتصير كالجنة فإنى إن دخلتها الأن تصغر عندى ، فلم يزل كذلك إلى أن كمل جميع أحوالها ، وصارت كما قال بعضهم : توفغ زوالا إذا قيل: تم، فحيئذ ركب جواده وجميع عساكره يتهارعون قدامه إلى أن وصل إلى بابها ، وأراد الدخول فجاءه ملك الموت فقبض روحه تلك الساعة ولم ينظر إليها جملة كافية ، ثم إن الله سبحانه وتعالى أرسل عليها ريحا فاقتلعها فصارت سائرة بين السماء والأرض ، هذا على وجه ووجه أخر إن السافى ذربها وهى بلاد الهند، وللعلماء في ذلك وجوه ، وملحص الحكاية أن حوادث الدهر من هذا النوع أكثر من أن يوصف ، وأما ما اتفق لفرعون مع موسى الكليم عليه السلام فمن عجائب الدنيا وقتل فرعون الصغار تم إن موسى عليه السلام تربى عنده ، وكان السبب في قتله ولا فائدة في التطويل فإن القصة مشهورة ، وأما قضة يوسف عليه السلام وما فعله به أخوته وما قصدوه وما حصل له ، وعليهم فمن أعجب العجائب والقضة أيضا مشهورة ، وما اتفق لأحد الخلفاء الفاطمتين أنه قصد الفرار من الدنيا والتقلع عن الملك وما حصل له وخلاصة القصة أنه لما ساح وقع فى أسر الفرنج ، وصاروا يستعملونه في رعى الخنازير ، ثم من الله عليه بعوده لملكه بعد وقائع يطول شرحها وأما ما اتفق لبعض الملوك أنه كان له ابنة عم وكان يحبها محبة بالغة وكان حسن المنظر لطيف الذات ، وكان إذا أراد أن يقبل المذكورة تمتنع منه ، وتبالغه بالكلام المكنى والحكاية طويلة ، وملخصها أنه وجدها تعشق عبدا زبالا ، فمسكهما وحز رؤوسهما بعد أمور كثيرة .
وأما اتفق للإمام على كزم الله وجهه من تربيته لعبد الرحمن ، ثم إنه قتله وهو واقف في الصلاة، والحكاية مشهورة وأما ما انفق للأمير يلبغا الخاصكي أنه ظفر بالسلطان وقتله وجعله بمصطبة بداره ، كلما نزل عليها ويدك برجله ، وإنه اشترى ثلاثة ألاف وخمسمائة مملوكا ليكونوا له عونا فركبوا عليه وقتلوه وجعلوا رأسه بمشعل وداروا به المدينة ، وأما ما اتفق للملك الأشرف شعبان بن حسين أنه زوج والدته للأمير ألجاى اليوسفي أتابك العساكر المنصورة ليكون له ظهرا ومعينا، وتخشاه أهل المملكة كونه هو وإناه شىء واحد فركب عليه وأراد قلع المملكة منه ، فثاروا عليه العوام إلى أن ألقى نفسه بجواده ببخر النيل المبارك وأما ما اتفق للملك الظاهر برقوق فإنه اشترى مملوكا يسمى عليا باى ، ورباه إلى أن ضخم ورقاه المناصب العلية وأراد بذلك أنه يكون له عونا ، فركب عليه وأراد اقتلاع الملك منه فمسك وقتل والحكاية طويلة، وأما قضة الملك الناصر فرج ووقائعه ، وما اتفق له من قتله بالشام وإلقائه على المزبلة وكل من كان رأى منه شنآن يأتى إليه ويضربه بما فى رجله والقصة مشهورة يطول شرحها . وما اتفق للملك المؤيد من قتل ولده خوفا أن يأخذ الملك منه ، وما ابتلى به من الزمان ووقائعه ، وأخذ الملك الغريب الأجنبى والحكاية مشهورة، وقد وجدت فى ديوان الملك الكامل صاحب حصن كيفا أشعارا مكتوبة فى المعنى .
Halaman tidak diketahui