ومع ذلك كله لا يحصل العلم بالبيت، بل ولا مكة بل ولا الحرم أيضا، نعم يدعي بعضهم القدرة عليه، مع وجود آلات كثيرة بحيث لا يمكن استحصاله إلا لمثل السلطان، و مع ذلك كيف يمكن في البراري والقرى التي لا يعلم عرضها وما رصدوها بل في البلد المرصد أيضا فإنهم يعينون عرض البلد من موضع معين من البلد، مثل وسط البلد فيبقى نهاية البلد غير مرصد، فيتفاوت الحال فلا يفيد إلا تخمينا مع أنه في الأصل تخميني إذ التحقيق على ما يظهر من كلامهم مما يعسر جدا، بل لا يمكن لعدم مساعدة الآلات.
على أنا نجد الاختلاف فيما بينهم أيضا في المسائل والتحقيقات، نعم يقرب ذلك للمهرة في الجملة، ولكن لا يسمن ولا يغني من جوع، وأيضا ما نعرف وجه ضم الأصحاب مشرق الاعتدال ومغربه، إلى علامة العراق، مع أن الظاهر أن قبلتهم ليست نقطة الجنوب كما يظهر من المشاهدة في مكة وتعيين الجدي خلف المنكب مع أنهم يقولون حين كونه علامة هو واقع على النقطة الشمالية التي يوافق خط نصف النهار والقطب، فيكون حينئذ بين الكتفين فكأنه بالنسبة إلى بعض البلدان.
وأيضا جعل النجم الصغير الذي بينه وبين الفرقدين قطبا لكونه عنده كما يظهر من كلام العلامة أيضا على ما رأيت في حاشيته على المحرر غير واضح، على ما سمعت من بعض أهل هذا العلم الذي هو خالي الذي لا نظير له اليوم في هذا العالم بل يقول إن القطب قريب من الجدي جدا وأيضا شاهدته كما قال فإني نظرت وعلمت علامة ورأيت هذا النجم الصغير يتحرك كثيرا ويقطع دائرة كثيرة، وحركة الجدي كانت قليلة جدا، ودائرته أقل من دائرة تلك النجم بكثير، إذ رأيته كأنه ما يتحرك من أول الليل إلى نصفه تخمينا ثم تبين له حركة قليلة وأيضا كلام أكثر الأصحاب خال عن تسميته قطبا وما رأيته إلا في شرح الإرشاد للشيخ زين الدين رحمه الله.
ثم جعلهم قبلة خراسان مثلا مثل قبلة العراق كالكوفة بعيد أيضا لأنه شرقي بالنسبة إلى الكوفة من مكة، مع أنهم يقولون إن قبلتها يقينية، إذ ثبت بالتواتر صلاة المعصوم فيه بتلك القبلة، والعجب أنا نرى الجدي في الكوفة خلف المنكب
Halaman 67