ومنها: إذا قال: الحرام يلزمني، أعني به طلاقا، طلقت واحدة، وعنه أنه ظهار، وإن قال: أنوي به الطلاق: طلقت ثلاثا بغير خلاف في العدد عند أصحابنا، وعنه أنه ظهار أيضا.
ومنها: إذا قال: الطلاق يلزمني، ونوى الثلاث، طلقت ثلاثا، وإن لم ينو شيئا، فهل تطلق ثلاثا أو واحدة؟ على روايتن، وإن نوى واحدة فلم أر فيها شيئا، إلا الشافعية لا يقع إلا واحدة، والله أعلم.
قال ابن رجب في "القواعد" في القاعدة التاسعة والخمسين بعد المائة: "إذا قال: الطلاق يلزمني، فهل يلزمه واحدة أو ثلاث؟ على روايتين، لأن الألف واللام قد أراد بها العهد في الطلاق المعهود المسنون، وهو الواحدة - وهذا يجيء على القاعدة التي قبل هذه - قال -: ويراد بها مطلق الجنس، ويراد بها استغراق الجنس، لكنها في الاستغراق والعموم أظهر. والمتيقن في تلك الواحدة، والأصل بقاء النكاح.
وعلى رواية وقوع الثلاث. . . فلو نوى بها ما دونها، فهل يقع به ما نواو خاصة أو يقع به الثلاث، ويكون دون ذلك صريحا في الثلاث؟ فيه طريقا للأصحاب.
ولو قال: الطلاق يلزمني، وله أكثر من زوجة، فإن كان هناك نية أو سبب يقتضي التعميم أو التخصيص عمل به.
ومع فقد النية والسبب خرجها بعض الأصحاب على الروايتين في وقوع الثلاث بذلك على الزوجة الواحدة، لأن الاستغراق في الطلاق يكون تارة في نفسه، وتارة في محله، وقد فرق بعضهم بينهما بأن عموم المصدر لإفراده أقوى من عمومه لمفعولاته، لأنه يدل على أفراده بذاته عقلا ولفظا، ويدل على مفعولاته بواسطة، فلفظ الأكل والشرب - مثلا - يعم الأنواع منه، والأعداد أبلغ من عموم المأكول والمشروب إذا كان عاما، فلا يلزم من عمومه لأفراده وأنواعه عموم لمفعولاته. ذكر هذا كله الشيخ تقي الدين بمعناه.
وفي موضع آخر قوي وقوع الطلاق بجميع الزوجات دون وقوع الثلاث بالزوجة الواحدة، وفرق بأن وقوع الثلاث بالواحدة محرم، بخلاف وقوعه بالزوجات المتعددات.
وقد يقال: إن قوله الطلاق يلزمه، وإن كان صيغة عموم، لكن إن لم ينو عمومه، كان مخصصا بالشرع عند من يحرم جمع الثلاث، وهو ظاهر المذهب، فتكون المسألة حينئذ من صور التخصيص بالشرع.
ومنها: دعوى "الأصل في الأبوال كلها النجاسة" لقوله ﷺ: "تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه"، والأصحاب يحملوا الألف واللام هنا على العهد، وهو بول الآدمي بقرينة.
ومنها: دعوى جواز التكبير في الصلاة بقول المصلي: "الله الأكبر أو الكبير" أو إذا نكس على الخلاف في ذلك، استدلالا بقوله ﵇: "تحريمها التكبير.."، والمذهب "تخصيص الله أكبر"، فتكون الألف واللام للعهد، لأنه لم ينقل عن النبي ﷺ أنه كبر بغير هذا.
ومنها: دعوى جواز" السلام" للخروج من الصلاة بقوله: "عليكم السلام"و"سلام عليكم" بغير تعريف، وفي المسألة وجهان ذكرهما القاضي أبو يعلى في "الجامع الكبير" وغيره، هل هما للعهد أو العموم؟ فإن أتى به بغير الألف واللام ففيه أوجه: أحدها: الإجراء إذا نونه، وهو احتمال أبداه في "الجامع الكبير"، وقد أومأ إليه أحمد في رواية مهنا.
والثاني: عدم الإجزاء على أنهما للعهد.
والثالث: عدم الإجزاء مطلقا، سواء نونه أو لا.
ومنها: إذا تيمم ونوى الصلاة أو أطلق، فالذي قاله في "المقنع" أنه لا يصلي الفرض، والذي ينبغي صلاتها، وحكى الأسنوي عن الشافعية وجهين.
ومنها: إذا قال: له علي كذا كذا درهم، فتارة يقوله كذا بلا عطف، وتارة بقوله معطوفا، وهو أن يقول: كذا وكذا.
فإن قاله بلا عطف أعطي درهما، ومع العطف درهمين، وهكذا حكى الأسنوي عن الشافعية قال: "فلو أفرد الدينار مع الإضافة أعطي حبتين عند العطف، وحبة واحدة عند عدمه.
وفرق أصحابنا في هذا وقالوا: الدرهم تارة يؤتى به بعد العطف والإضافة مرفوعا، وتارة مخفوضا، وتارة منصوبا، فإن كان مرفوعا لزمه في العطف والإضافة، ومع الخفض يلزمه بعض درهم، ومع النصب يلزمه درهم عند أبن حامد، ودرهمان عند أبي الحسن التميمي، والله أعلم.
ومنها: إذا قال لزوجته: إذا قدم الحاج فأنت طالق. فهل تطلق بأول قدوم بعضهم، أو لا تطلق حتى يقدم جميعهم؟ المتعين تطلق بأول قدومهم، مالم تكن نيته قدوم الجميع.
1 / 9