245

============================================================

خبير به وخبر. قال الله عز وجل (قال نبأني العليم الخبير) [التحريم: 3]، وقال (فاشأل به خبيرا" [الفرقان: 59]، أي عالما به عارفا له(1). فالله عز وجل خبير بالأشياء كلها ، لا يخفى عليه منها شيء، فهو خبير بها . تبارك الله الخبير.

[29] الجليل العلي العظيم المتعالي(2) ومن صفاته "الجليل"، وهو العظيم. قال الحكيم: وإنما قيل: جليل، عظيم أنه خلق الخلق الجليل العظيم، فاستدللنا عليه بهذا الخلق الجليل العظيم وعلمنا أنه أجل وأعظم مما خلق، لأن الخلق الجليل العظيم، وإن كان جليلا عظيما، فإن الحواس قد أحاطت به، والمشاعر قد حوته . والخالق جل وعز عن أن تحيط به الحواست، أو تبلغه المشاعر، فقلنا هو أجل وأعظم من أن تحيط به الحواس، أو تبلغه المشاعر(3)، أو تدركه الأوهام، أو تبلغه الخطرات، وتعالى عن ذلك علوا كبيرا. فعجز المخلوقون عن دركه بوجه من الوجوه، واعترفوا بالعجز على أنفسهم أنهم لا يقدرون على جليته(4)، ولا تبلغ قوتهم درك كيفيته، فزعوا إلى أسمائه، والتجأوا إلى صفاته، وأقروا أنهم لا يدركون ذاته لتعاليه عنهم، وتعظمه على أوهامهم، فاستغائوا باسمه، ثم وصفوه بالجلال والتعالي والعظمة، فقالوا: لا حول لنا ولا قوة إلى درك معرفته إلا باسمه، والالتجاء إلىيه وإلى صفاته. فاسمه الله، وصفاته الجليل العلي العظيم المتعالي. فقالوا: لا حول لانا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

والجليل من الجلالة، والجلالة هي(5) العظمة. فكأن الخلق لما عرفوا جلاله (1) في تفسير أسماء الله للزجاج ص 45 ، يبدو أن اللغويين اختلفوا في اشتقاق (الخبير) ، فذهب بعضهم إلى أنه مشتق من (خبر الأرض) ، إذا شقها، فعرف ما تنطوي عليه مكامنها، وذهب آخرون إلى أنها مشتقة من (الخبر) الذي ينقل ، فهو العالم به المطلع عليه .

(2) زادت ب في العنوان: تبارك وتعالى جدك.

(3) تتكرر العبارة في جميع الأصول.

(4) هكذا في م وأخواتها والمطبوع، وفي ب : حيله، وفي ه: حليته .

(5) في م : هو.

235

Halaman 242