============================================================
إليه راجعون)، وقوله (ما شاء الله كان) . قال أبو عبيد: حدثنا هارون بن معاوية عن سفيان بن زياد، قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: ما أعطي أحد (إنا لله وإنا اليه راجعون)، و(ما شاء الله كان) إلا النبي صلى الله عليه وآله، ولو أوتيه أحد لأوتيه يعقوب حين يقول: يا أسفا على يوسف [يوسف: 84].
فهذه الكلمات كلها ظهرت في الإسلام على لسان محمد صلى الله عليه وال ه بلسان عربي، ولم تكن لسائر الأمم على هذا النظم العجيب والاختصار الحسن.
فلما وردث عليهم اضطروا إلى قبولها وتدوينها والإقرار بفضلها، ولفظوا بها عند وجوب الشكر وطلب الصبر، وفي وقت الاتكال والتسليم لأمر الله تعالى، وعندا فاتحة كلامهم وخاتمته، وعند كل حادث نعمة، أو نازل ملمة. وإن كان الأنبياة الماضون صلوات الله عليهم أجمعين، ومن درج من الصالحين، قد عرفوا معانيها، فإنهم لم يرسموها هذا الرسم لأممهم على هذا الكمال والإحكام.
وادخرها الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وآله تفضيلا له، وتشريفا لمنزلته ، ورفعة لدرجته، وأبرزها على لسانه، فنطق بها اللسان العربي المبين، وأحكمها في كتابه، وجعلها فضائل له ومناقب لأمته، وألهم جميع الأمم الاقتداء به واتباعه عليه.
Halaman 159