وظل يشاهدهم خمس دقائق، والبسمة العريضة على شفتيه طول الوقت، ثم سجل المشهد وأرسله بالإيميل إلى زيتون.
وعندما رأى زيتون المشهد المسجل ضحك واندهش. كان يبدو فيه مع الأربعة الأطفال جميعا، كانت نديمة تحت مصباح الشارع مباشرة، وزخاري يحمل صفية، وزيتون يحمل عائشة. كان أحمد مولعا بالتكنولوجيا ويضمر مشاعر عميقة لأشقائه تدفعه إلى حمايتهم، وكان يرعى - بالمعنى الحقيقي للكلمة - أخاه زيتون طول الوقت.
وعلى السطح ذلك المساء قام زيتون وتود وناصر بشواء ما بقي من اللحم، مشيرين إلى أن هذه كانت أول مرة منذ بداية العاصفة يشهد أي منهم حفلا من أي نوع. كانت محادثاتهم مرتبكة، وفكاهاتهم تكتنفها ظلال سواد، تحدثوا عن الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، وصالة الألعاب المغطاة، ومركز المؤتمرات. كانوا قد سمعوا أنباء فردية من الراديو ومن الآخرين الذين بقوا في المدينة، في الصالة أو المركز، وكانوا جميعا سعداء لأنهم لم يلجئوا لأيهما؛ إذ كانوا يعرفون سوء الاحتماء بأيهما، ولم يكن أحد منهم يود أن يحبس في مثل ذلك القفص.
وتحدثوا عما تئول المدينة إليه بعد انحسار المياه. ستكون الأشجار والقمامة منتشرة في كل مكان، وسوف تبدو الأرض مثل قاع بحيرة جرفت منها المياه، وسوف يتعذر المرور في الطرق أمام السيارات والعجلات، بل أي نوع من أنواع المركبات.
وقال زيتون: «الحصان يحل المشكلة. سنأتي ببعض الخيول. أمر يسير.»
وضحك الجميع.
وعندما زاد الظلام في السماء شاهد زيتون ضوءا برتقالي اللون من خلال الأشجار، على مسافة تقل عن ميل واحد، وسرعان ما انهمك الثلاثة في مشاهدة ازدياد الضوء، وألسنة اللهب تتلوى وتعلو في الفضاء. كان زيتون واثقا بأنها اكتسحت مبنيين أو ثلاثة مبان على الأقل، ثم ركز بصره فأدرك أن الحريق قريب جدا من ...
صاح: «مكتبي!»
كانت في المكتب مقادير كبيرة من الطلاء، مئات الجالونات، ومواد تقليل كثافة الطلاء، والأخشاب، وأشياء كثيرة سامة وقابلة للاشتعال.
وقال: «لا بد أن نذهب.»
Halaman tidak diketahui