وقال لها: «قلت لك ذلك.»
كان المتوقع أن تصل كاثي والأطفال إلى منزل باتي لتناول العشاء مع الأسرة، ولكنها بحلول السابعة لم تكن قطعت إلا أقل من عشرين ميلا ، وعندما وصلت إلى مشارف «سليدل» دخلت بالسيارة مطعما يقدم الهامبورجر للمسافرين، فتناولت مع الأطفال الهامبورجر بالجبن والبطاطس المقلية في السيارة، وبعد عدة دقائق سادت السيارة رائحة كريهة.
وسألت كاثي الأطفال: «ما هذا؟» فقهقه الجميع، كانت الرائحة رائحة براز منتنة، وسألت من جديد: «ما هذا أقول؟» وفي هذه المرة لم يستطع الأطفال من شدة القهقهة أن يجيبوا، وهز زخاري رأسه.
وتمكنت إحدى الفتيات من أن تقول: «إنها الكلبة ميكاي»، قبل أن تعود للضحك الهستيري من جديد.
كان الأطفال يقدمون إليها سرا قطعا من الهامبورجر بما فيه من جبن، وكان الجبن يسد أمعاءها، فظلت تفسو مسافة أميال.
وصرخت كاثي: «هذا فظيع!» وازدادت قهقهة الأطفال، واستمرت معاناة الكلبة، وكانت تختبئ تحت المقعد.
ومرت بمدينة سليدل وسرعان ما وجدت الطريق أ-190 وهو طريق أصغر، وكانت تتصور أن حجم المرور فيه أخف، لكنه كان على الدرجة نفسها من السوء، نهر لا نهاية له من أضواء الفرامل، وحدست كاثي أن أمامها عشر آلاف سيارة، وعشرين ألف ضوء للفرامل، تصطف على طول الطريق إلى باتون روج وتتجاوزها، كانت قد أصبحت جزءا من هذا «الخروج» دون أن تتبين تماما أبعاده الهائلة وغرابته. مائة ألف شخص في الطريق، متجهون جميعا إلى الشمال والشرق؛ فرارا من الرياح والماء. لم تجل بخاطر كاثي إلا صورة الفراش. أين يمكن لهؤلاء الناس جميعا أن يناموا؟ في مائة ألف سرير. كانت كلما مرت بمدخل منزل نظرت إلى البيت في شوق، كان التعب قد بلغ بها أقصاه ولم تكن قد قطعت حتى نصف المسافة.
وخطر لها أمر زوجها من جديد، كانت الصور التي شاهدتها في شريط الأنباء عجيبة حقا؛ إذ كانت العاصفة تشبه منشارا دائريا أبيض، يتجه مباشرة نحو نيو أورلينز. كانت المدينة في هذه الصور المرسلة بالقمر الصناعي تبدو بالغة الضآلة بالمقارنة بالإعصار، شيء صغير يوشك أن يقطعه نصل المنشار الدائري الهائل ويفتته تفتيتا. ولم يكن زوجها إلا رجلا وحيدا في منزل خشبي.
واتصل زيتون بها من جديد في الثامنة، كانت كاثي والأطفال قد قضوا ثلاث ساعات على الطريق ولم تصل السيارة إلا إلى بلدة كوفنجتون، على مبعدة خمسين ميلا تقريبا. وفي غضون ذلك كان يشاهد التليفزيون ويتسكع في المنزل، ويستمتع ببرد الليل.
وقال لها: «كان ينبغي أن تبقوا. المكان لطيف فعلا.»
Halaman tidak diketahui