وأجابه أحمد: «كاثي دلفين». - «أهي أمريكية؟» - «إنها من باتون روج، وقد اعتنقت الإسلام.»
وازداد إعجاب زيتون وزادت حيرته، فاتخاذ مثل هذه الخطوة يتطلب من المرأة شجاعة ورباطة جأش.
وقال أحمد: «لكن اسمع، لقد سبق لها الزواج، ولديها ابن في الثانية من عمره.»
ولكن ذلك لم يفت في عضد زيتون.
وسأله: «متى أستطيع أن أراها؟»
قال له أحمد إنها تعمل في معرض للأثاث، وأعطى زيتون العنوان . ووضع زيتون خطة تقضي بأن يوقف سيارته أمام المعرض حتى يراها دون أن تلحظ وجوده، وقال لأحمد إن ذلك هو الأسلوب المتبع في جبلة. لم يكن يريد أن يتخذ أي خطوة، ولا أن يسمح لأحد بأن يفصح نيابة عنه عن نياته قبل أن يراها. كان ذلك هو الأسلوب المتبع في وطنه الأصلي؛ المراقبة عن بعد، وإجراء التحريات، وجمع المعلومات، ثم المقابلة، لم يكن يريد أي خلط للأمور ولا جرح للمشاعر.
وأوقف سيارته في موقف السيارات الخاص بمعرض الأثاث في نحو الخامسة مساء ذات يوم، وقد اعتزم الانتظار حتى يراها خارجة عند انتهاء عملها، وكان قد استقر لتوه في موقع المراقبة حين اندفعت امرأة في مقتبل العمر خارجة من الباب وهي ترتدي جينز وتغطي شعرها بالحجاب. كانت باهرة وفي شرخ الشباب. وأدخلت بأصابعها عدة شعرات في حجابها وجالت ببصرها في موقف السيارات، ثم عادت تسير في خطوات واسعة بثقة مذهلة وذراعاها تتأرجحان بقوة كأنما كانت تريد تجفيف طلاء أظافرها الجديد! ثم ارتسمت على شفتيها بسمة مفاجئة كأنما تذكرت شيئا ما دفعها للضحك. وتساءل زيتون في نفسه: «ترى ماذا تذكرت؟» كانت جميلة ذات وجه نضر، وكانت البسمة عريضة، خجولا، مكهربة! وقال في نفسه: «أريد أن أجعلها تبتسم هذه البسمة. أريد أن أكون الدافع. أريد أن أكون السبب.» وازداد حبه لها في كل خطوة تخطوها نحوه. لقد وقع في غرامها!
ولكن اقترابها منه زاد عما ينبغي، كانت تتجه مباشرة نحوه. هل كانت تعرف أنه أتى ليراها؟ كيف يمكن ذلك؟ هل أخبرها أحد؟ أحمد؟ يوكو؟ كانت قد وصلت تقريبا إلى سيارته. سيبدو إذن أبله. لماذا كانت تتجه نحوه مباشرة؟ لم يكن على استعداد لمقابلتها.
ولما كان حائرا لا يدري ما يفعل غطس برأسه، وظل قابعا تحت لوحة المفاتيح ممسكا أنفاسه في انتظار ما يكون، وقال في نفسه: «يا رب! يا رب!» ترى هل تمر به وحسب أم تظهر عند نافذته، وتتعجب من ذلك الرجل المختبئ في السيارة؟! أحس بأن وضعه مضحك.
ولكن كاثي لم تكن تدري أنها تمر الآن برجل مختبئ تحت عجلة القيادة. كل ما في الأمر أن سيارتها تصادف وقوفها بجوار سيارته، وهكذا فتحت باب السيارة، وركبتها وانطلقت بها.
Halaman tidak diketahui