174

غدا زيتون الآن يعرف دقات عربة الممرضة مثلما يعرف دقات قلبه، فوثب إلى القضبان ليلقاها.

سألها: «ماذا قال الطبيب؟»

فقالت: «عن أي شيء؟»

فقال: «عن حالتي. ألم تعطيه الاستمارة؟»

فقالت: «أوه! أنت تعرف، لا أظن أنه أخذها. الأفضل أن تملأ استمارة أخرى.» وقدمت إليه استمارة أخرى.

ولم يرها من جديد في ذلك اليوم أو اليوم التالي. •••

بدأ زيتون يشعر بأنه سوف يغمى عليه حين نهض على قدميه. لم يكن يتناول ما يكفي من الطعام، وكان يبدو أن كل وجبة عمادها لحم الخنزير. وحتى حين كان يستطيع أن يأكل ما يقدم له، كان كثيرا ما يغلبه القلق أو الاكتئاب فيمنعه عن الأكل.

وبعد الغداء وصل ثلاثة حراس. فتحوا باب الزنزانة ودخلوا. ووضعوا القيود الحديدية في يدي زيتون وقدميه، ثم اقتادوه خارج الزنزانة، وساروا به إلى مبنى آخر ووضعوه في زنزانة أخرى خالية. أصبح الآن وحده.

لم يكن يتحادث كثيرا مع ناصر، ولكن التناقض بين حاله معه ووحدته الآن كان شديدا.

وحاول زيتون أن يتذكر قيمة بوليصة التأمين على حياته، كان ينبغي أن يشتري بوليصة أكبر، والواقع أنه لم يكن قد فكر التفكير الجاد اللازم في الأمر. كانت المرأة في شركة أولستيت للتأمين قد حاولت إقناعه بتأمين حياته بأكثر من مليون دولار، ما دام لديه أربعة أطفال، وما دام العمل يعتمد اعتمادا كبيرا على وجوده، ولكنه لم يكن يتخيل الموت آنذاك؛ إذ لم يكن قد تجاوز السابعة والأربعين، وظن أن الوقت لم يكن قد حان للتفكير في التأمين على الحياة. ولكنه كان واثقا بأن كاثي كانت الآن تتحقق من قيمة بوليصة التأمين، ولا بد أنها بدأت تتخيل الحياة دون وجوده.

Halaman tidak diketahui