واعتدل في جلسته وانتظر.
كانت أمامه قبوة في الجدار اصطفت فيها آلات بيع بعض الأشياء وألعاب الفيديو، وكانت فوق الآلات لوحة جدارية تمتد داخل المحطة كلها، وتشغل أقسامها الطويلة الأربعة النصف العلوي كله من الجدران الرئيسة للمحطة.
كان طول اللوحة الكلي يبلغ نحو 120 قدما، وكانت تحاول تصوير تاريخ ولاية لويزيانا بصفة خاصة، وتاريخ الولايات المتحدة بصفة عامة. وتطلع زيتون إليها، وعلى الرغم من أنه جاء إلى المحطة من قبل، فلم يكن قد شاهد هذه اللوحة قط من قبل، وأدرك وهو يبصرها الآن أنها لوحة مثيرة، سجل حالك من إخضاع الآخرين وكفاحهم. كانت الألوان كالكوابيس، والخطوط مسننة، والصور مقلقة. شاهد أغطية رءوس جماعة «كو كلوكس كلان» والهياكل العظمية التي لديهم، وأشكال مهرجيهم بألوان صارخة، ووجوها طليت بألوان شتى، وشاهد فوقه مباشرة أسدا يهاجمه عقاب عملاق من الذهب، إلى جانب صور لجنود في أردية زرقاء زاحفين إلى الحرب بجوار مقابر جماعية. وكانت اللوحة تضم كذلك صورا كثيرة لإخضاع الشعوب أو إبادتها - مثل الأمريكيين الأصليين، والعبيد، والمهاجرين - وكانت دائما بالقرب منها صور الذين يحضون على ذلك: الأرستقراطيين الأغنياء الذين يلبسون شعرا مستعارا نثرت فوقه البودرة، والجنرالات بأزيائهم الرسمية البراقة، ورجال الأعمال حاملين أكياسا من النقود. وفي أحد أقسام اللوحة برزت منصة استخراج بترول بحرية، ومن فوقها أرض غمرها الفيضان، ومدينة اكتسحتها المياه.
وجرى التحقيق مع ناصر بعد ذلك، فاقتيد إلى مكتب التذاكر، واستطاع زيتون أن يرى أنهم يسجلون بصمات أصابعه ويصورون كل بصمة.
وبعدها بدأ استجواب ناصر فورا، وأثارت الحقيبة الرياضية التي يحملها ضجة؛ إذ جعلت شرطية تخرج منها رزما من النقود الأمريكية.
وقالت: «ليست هذه من هنا!»
واشتبك ناصر معها في مجادلة لم تنجح إلا في زيادة استثارة من في المبنى.
عادت تقول : «هذه ليست قطعا من هنا!» وقد ازداد يقينها.
ووضعت النقود على منضدة قريبة وسرعان ما اجتذبت حشدا حولها، وقام أحدهم بعدها. كانت عشرة آلاف دولار.
كانت هذه هي المرة الأولى التي يعرف زيتون فيها ما كان في الحقيبة، فعندما أتى بها ناصر إلى القارب، كان زيتون يتصور أن بها ملابس وبضعة أشياء ثمينة. كان من المحال أن يحدس أن فيها 10000 دولار نقدا. •••
Halaman tidak diketahui