وتولى الطائع لله أمير المؤمنين سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، ثم كاتب أبو جعفر العتبى أبا الفضل بن العميد، ففرح أبو الفضل، ونجح كلا الوزيرين فى إزالة الوحشة التى كانت بين البويهيين والسامانيين، وسارت الأحوال سيرا عاديا، وتوقفت الحروب وانتظمت الأمور، وأطاع آل بويه منصور بن نوح ولم يزاحموه، فقضى على الفساد فى المملكة، واستراح الناس، وكانوا كل عام يحضرون إلى خراسان مائتى ألف دينار رسوما من الرى وكور الجبال، وهذا غير الهدايا الأخرى.
ومرض الحسن بن بويه، ووزع المملكة على أبنائه، وحينما اختلى بأبى شجاع فناخسرو 155 أفضى إليه بكل أسراره. ومات فى الرى فى الخامس من محرم سنة ست وستين وثلاثمائة، وقد فعل أبو جعفر العتبى فى خراسان أفعالا طيبة، فقد أحضروا يوسف الوزير 156 ثانية وأجلسوه على كرسى الوزارة، ومات فى ذى القعدة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة. ثم أسندوا الوزارة إلى عبد الله أحمد بن محمد الجيهانى 157 سنة خمس وستين وثلاثمائة، ومرض نوح بن منصور فى هذا الوقت، واشتد به المرض فمات فى الحادى عشر من شوال سنة خمس وستين وثلاثمائة ولقبوه بالسديد.
الرضى أبو القاسم نوح بن منصور
لما تولى نوح بن منصور الإمارة لم يكن قد بلغ الحلم بعد، تولى الإمارة مدة واحد وعشرين عاما وتسعة أشهر. وكان بينه وبين الأمير أبى الحسن وأبى الحارث محمد ابن أحمد بن فريغون 158 قرابة؛ فقوى ظهره بهما، وأسلم أعماله إلى" فائق الخاصة"" وتاش" الحاجب. وحينما جلس على كرسى الولاية أرسل أبا عبد الله بن حفص قائد غزاة بخارى رسولا إلى الأمير أبى الحسن، ولقبه بالأمير ناصر الدولة، وأرسل إليه العهد والخع، وجعل له فى قيادة الجيوش عمل المعونة والأحداث 159 فى نيشاپور وهرات وقهستان.
وأرسل رسالة إلى أبى عبد الله الغازى يخاطبه فيها قائلا: لقد أحسنا إليك أكثر مما كنت تتوقع؛ لأننا رأينا فيك علامات الوفاء ودلائل الرشد فلا تخيب ظننا، وقد وهبناك ثلاثة أشياء لم تكن لأسلافنا: أحدها أننا صاهرناك وهذا دليل صدق اعتقادنا فيك وسبب ازدياد شرفك وقدرك؛ الثانى زيادة ولايتك وهذا دليل عظمة عملك؛ والثالث إعطاء لقب لك فى المخاطبات والمكاتبات حتى تكون لك الرفعة بين أقرانك وأمثالك.
Halaman 228