وقدم بكر بن مالك فى رمضان سنة خمس وأربعين وثلاثمائة إلى حضرة بخارى ليهبوه الخلع، ورجع معه حتى فرغانة سبعة وثلاثون شخصا من القواد، ولما قدم وأدى رسم الخدمة فى الوقت المناسب وأراد أن يرجع كان فتگين الخازن على يمينه والپتكين على يساره، فطلب أن يركب فطرحه الپتگين الحاجب على الأرض، وأعملوا فيه السيف والحربة حتى قتلوه على باب السلطان، وأخذوا رأسه، وسجنوا أبا منصور بن عزيز وولوا أبا جعفر بن محمد الحسين الوزارة، وأعطوا لأبى الحسن محمد بن إبراهيم قيادة جيوش خراسان، وأرسلوا إبراهيم بن الپتگين الحاجب إلى أبى الحسن بعهد ولواء القيادة سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، وكان أبو جعفر العتبى يؤثر الأموال، فاستقصى البحث عنها بدقة بالغة فى الخزائن العامرة حتى حصل عليها فطالت عليه الألسنة فأخذوا الوزارة منه وأعطوها لأبى منصور يوسف بن إسحاق فى شهور سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.
وقد ارتكب الأمير أبو الحسن محمد بن إبراهيم فى نيشاپور مظالم كثيرة، وقد تظلم الناس منه دائما فى حضرة بخارى فعزلوه فى جمادى الآخرة سنة تسع وأربعين وثلاثمائة وأعطوا قيادة الجيوش إلى أبى منصور محمد بن عبد الرزاق، وأرسلوا أبا نصر منصور بن بابقرا بالعهد واللواء والخلعة إليه، ولما وصل هذا العهد إليه أحكم أمور ولاية ما دون النهر إحكاما جيدا واستن سننا حسنة، فكان يجلس لفض المظالم، ويحكم بين المتخاصمين، وأنصف أفراد الرعية بعضهم من بعض، وكان رجلا طيبا طاهرا، عارفا بالأصول، حلو المعشر، يتحلى بكثير من الخصال الطيبة، وكان الپتگين الحاجب بالحضرة يعرف لياقة أبى منصور.
وقال الپتگين: لقد كتبت رقعة سيئة فى أمر يوسف بن إسحاق فأبعدوه عن الوزارة وأسندوها لأبى على محمد بن البلعمى، وحينما رأى الپتگين تغير حال عبد الملك قلل من المجى ء إلى الخدمة فى مجالس الطرب، ثم أمره عبد الملك أن يذهب إلى بلخ فقال البتكين:" لن أكون عاملا بأى حال بعد أن كنت حاجب الحجاب، فأعطوه قيادة جيوش خراسان، وصرفوا أبا منصور فذهب إلى طوس، وقدم الپتگين إلى نيشاپور فى العشرين من ذى الحجة سنة تسع وأربعين وثلاثمائة وكان وزيره أبو عبد الله محمد بن أحمد الشبلى، وكان بين الپتگين وأبى على البلعمى عهدا على أن يكون كلاهما نائبا عن الآخر، ولم يفعل البلعمى أى عمل مطلقا دون علم أو مشورة الپتكين. وأرسل الپتكين الهدايا إلى الملك الرشيد، وكان بينها جياد وأشياء أخرى، وبعد صلاة العصر كان عبد الملك يلعب الصولجان فى الميدان، وشرب قدرا من الشراب، وأخذ يمتطى هذه الجياد المهداة واحدة واحدة فقفز به أحدها ورماه فتهشمت رأسه وكسرت رقبته وحملوه ميتا ولقبوه بالرشيد 142.
Halaman 224