Pemimpin Pemberontak Ahmad Arabi
الزعيم الثائر أحمد عرابي
Genre-genre
دعا المسيو دي فريسينيه رئيس الوزارة الفرنسية الدول الأوروبية الكبرى إلى عقد مؤتمر للنظر في المسألة المصرية، فلبى هذه الدعوة كل من إنجلترا وألمانيا والروسيا وإيطاليا والنمسا ... أما تركيا فإنها رفضت الفكرة بحجة أن إيفاد مندوبها درويش باشا إلى مصر كاف لحل مشكلتها! وقد اعتزمت إيفاده إلى مصر في الوقت الذي علمت فيه باقتراح عقد المؤتمر؛ أي أنها عارضت المؤتمر بإرسال مندوب سام إلى مصر، واتخذت من إرساله وسيلة لرفض عقد المؤتمر، واحتجت أيضا بأن الأحوال في مصر لا تستدعي عقد مؤتمر بعد تأليف وزارة راغب باشا، واضطلاعها بأعباء الحكم وإعادتها الأمن إلى نصابه، فلم يبق شيء يمكن أن يتفاوض فيه المؤتمر.
وقد أبلغ وزير خارجية تركيا سفراء الدول الأوروبية بالآستانة هذا القرار، ولكن الدول لم تعبأ به واعتزمت عقد المؤتمر، وبقيت تركيا على امتناعها ورفضت الاشتراك فيه حتى ضرب الإسكندرية، فكان من المهازل السياسية أن يجتمع مؤتمر دولي في الآستانة للنظر في المسألة المصرية دون أن تشترك فيه حكومة الآستانة ذاتها، ودون أن تشترك فيه مصر، وكان واجبا على كلتيهما أن تشترك فيه.
وليس هذا المظهر وحده هو الذي يدل على اضطراب السياسة العثمانية في المسألة المصرية، بل إن مسلكها كله كان مجموعة متناقضات واضطرابات ... فبينما كانت تتظاهر بتأييد سلطة الخديو، إذا بالسلطان عبد الحميد يعلن عطفه على عرابي ويمنحه نيشانا رفيع الشأن، ثم إذا جد الجد ونشبت الحرب بينه وبين الإنجليز طعنه في الصميم بإعلانه عصيانه، فكان هذا الإعلان من أكبر أسباب هزيمته وخذلانه، فهذا التناقض والاضطراب، مضافا إليه قصر نظر تركيا وسوء نيتها نحو مصر ورغبتها في إنقاص استقلالها، ثم ما جلبت عليه من الدس والوقيعة، وتأثر وزرائها بالمال والرشا، جعل من السياسة التركية عامل فساد استخدمته بريطانيا لتحقيق أطماعها في مصر.
اجتمع المؤتمر بدار السفارة الإيطالية في «ترابيا» بضواحي الآستانة على شاطئ البوسفور يوم 23 يونيو سنة 1882، وكان أعضاؤه سفراء الدول العظمى الست: بريطانيا وفرنسا وألمانيا والنمسا والروسيا وإيطاليا، والسفير البريطاني هو اللورد دفرين. (1-1) ميثاق النزاهة
ثم اجتمع للمرة الثانية يوم 25 يونيو، وقبل البدء في مداولاته إبرام العهد المشهور بميثاق النزاهة
. وقد وضعه المسيو دي فريسينيه في 16 يونيو وعرضه على اللورد جرانفيل فقبله، وهذا نصه:
تتعهد الحكومات التي يوقع مندوبوها على هذا القرار، بأنها في كل اتفاق يحصل بشأن تسوية المسألة المصرية لا تبحث عن احتلال أي جزء من أراضي مصر، ولا الحصول على امتياز خاص بها، ولا على نيل امتياز تجاري لرعاياها لا يخول لرعايا الحكومات الأخرى.
وقد وقع عليه أعضاء المؤتمر جميعا ...
هذا هو العهد الذي ارتبطت به الدول، وفي مقدمتها إنجلترا في مؤتمر الآستانة ... ولكن إنجلترا حين أبرمته كانت تنوي نقضه، كما نقضت سائر عهودها في المسألة المصرية. والدليل القاطع على ذلك أنها في الوقت الذي أبرمته - 25 يونيو سنة 1882 - كانت تعد معدات الحرب والقتال وتجهز جيشها لاحتلال مصر، ولم يمض على هذا العهد ستة عشر يوما حتى ضرب أسطولها مدينة الإسكندرية بمدافعه يوم 11 يوليو.
واجتمع المؤتمر في جلسته الثالثة يوم 27 يونيو، وأخذ أعضاؤه يتداولون في المسألة المصرية، وأخذ اللورد دفرين يلقي بيانه عن الحالة في مصر، ذهب فيه إلى أن الفوضى قد تمكنت من مصر من جراء ثورة الجيش وانتقاضه على الخديو، وأن هذه الفوضى قد أدت إلى اختلال الإدارة وارتباك الأحوال، ووقوف حركة التجارة وفقدان الثقة وعجز الأهلين عن سداد الضرائب، وعجز الحكومة عن الوفاء بتعهداتها المالية حيال الدائنين الأجانب، ثم تعريض حياة الأوروبيين للخطر.
Halaman tidak diketahui