مضى عهد المفاخرة بالحق وبالباطل لاستنهاض الهمم واستثارة النخوة، وتحريض العزائم على محاكاة الأجداد والتشبه بهم في المجد العريق.
مضى عهد الحقنة التي نأمن أوائلها ولا نأمن عواقب الإفراط فيها إذا عولنا عليها وحدها ولم تعول على قوة البنية ومناعتها.
أما اليوم فنحن في عصر «الغذاء الصحي»، الذي نختار منه للبيئة ما ينفعها وما تعتمد فيه على وظائفها الصحيحة وقدرتها التي لا شك فيها.
ولهذا يكفينا أن نقول اليوم ونحن على يقين إن ظهور الأديان في الشرق دليل على اهتمام الشرق بالروحانيات وشعوره بالحاجة إليها، وحسبنا اليوم أن نحافظ على هذه المزية التي لا غنى عنها في عصرنا هذا على الخصوص؛ لأنه العصر الذي أفرط، غربا وشرقا وجنوبا وشمالا، في عبادة الماديات.
أما أننا نحن الشرقيين قد احتقرنا المادة قديما أو حديثا فيفتح الله ثم يفتح الله.
هذه «ألف ليلة» وما شابهها من كتب الشرق تفيض بالماديات و«الحسيات»، التي لا فرق بينها وبين الغرق في بحار المادة والحس فعلا إلا أنها موقوفة التنفيذ.
وهذه أسماء «السيف» يقال إنها بلغت المئات في اللغة العربية فلا يفهم من ذلك، بداهة، أنه دليل على «الموت في حب السلام».
كلا، ذلك دليل على الموت في سبيل الحرب، وليس بدليل على الموت في سبيل السلام.
فلنعرف أنفسنا على حقائقها كما ينبغي أن نعرف جميع الحقائق.
وإننا لنعلم إذا عرفنا أنفسنا على حقائقها أننا نحب المادة وأننا أحببناها من قبل، ولكننا نعلم كذلك أننا نهتم بالروحانيات ولا نزال مهتمين بها، وفي هذا الكفاية للخلاص إذا عقدنا الرجاء على الخلاص من ربقة المادة بقبس من عالم الروح.
Halaman tidak diketahui